٥ - (بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ):
عطف على أَيحسب -جيءَ به للإِضراب عن إِنكار الحسبان إِلى الإِخبار عن حال الإِنسان الحاسب بما هو أَدخل في اللوم والتوبيخ من الأَول، كأَنه قيل: دع تعنيفه فإِنه أَشَط من ذلك وأَنَّى يرتدع وهو يريد أَن يقيم ويستمر على فجوره فيما بين يديه من الأَوقات وفيما يستقبله من الزمان لا ينزع عنه. وعن مجاهد وابن جبير وغيرهما في معنى الآية: إِن الإِنسان إِنما يريد شهواته ومعاصيه ليمضي فيها أَبدًا قدمًا راكبًا رأْسه ومطيعًا أَمله ومسوفًا لتوبته حتى يأْتيه الموت على شر حاله وأَسوأ أَعماله، وروى عن ابن عباس في معنى الآية: هو الكافر يكذب بيوم الحساب. قال ابن كثير وهذا هو الأَظهر ولهذا قال بعده:
٦ - (يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ):
قال ابن كثير: أَي يقول: متى تكون القيامة؟ وإِنما سؤاله سؤال استبعاد لوقوعه. وتكذيب لوجوده، كما قال تعالى: "وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ" (١)
قال العلامة الآلوسي: وفيه أَن من أَنكر البعث يرتكب أَشد الفجور لا محالة.
٧ - (فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ):
فإِذا تحير بصرهم فزعًا فهم ينظرون من الهلع هكذا وهكذا لا يستقر لهم بصر على شيءٍ من شدة الرعب، وأَصله، من بَرق الرجل إِذا نظر إِلى البرق فدهش بصره، ومنه قول ذي الرمة:
ولو أَن لقمان الحكيم تعرضت | لعينيه مَيٌّ سافرًا كاد يَبْرَق |
والمراد أَن الأَبصار تنبهر يوم القيامة وتخشع وتحار وتذل من شدة الأَهوال ومن عظم ما تشاهده يوم القيامة من أُمور. ونقل عن مجاهد أَنه قال: فإِذا بَرِق البصر عند الموت والاحتضار.
(١) سورة سبأ الآيتان ٢٩، ٣٠.