٣٢ - (وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى):
أَي: ومع ذلك أَظهر الجحود والتولي عن الطاعة فكذب بالقرآن وأَعراض عن الإِيمان والعمل التشريعة.
٣٣ - (ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى):
أَي: ثم ذهب إِلى أَهله يتبختر مباهيًا بذلك مختالا مفتخرًا به، ومن صدر عنه هذا ينبغي أَن يخاف من حلول غضب الله عليه فيمشي خائفًا متطامنا لا فرحا متبخترا.
قيل: نزلت الآية في أَبي جهل وكادت تصرح به في قوله تعالى: (يَتَمَطَّى) فإِنها كانت مشيته ومشية قوم من بني مخزوم.
٣٤، ٣٥ - (أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى):
(أَوْلَى) من الولي بمعنى القرب فهو للتفضيل في الأَصل، غلب استعماله في قرب الهلاك ودعاءِ السوء كأَنه قيل: هلاكا أَولى لك، بمعنى أَهلكك الله تعالى هلاكًا أَقرب لك من كل شر وهلاك، واختار قوم أَنه أَفعل تفضيل، والتقدير: النار أَولى لك أَي أَنت أَحق بها وأَهل لها (فَأَوْلَى) (١).
(ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى) تكرير للتأكيد، والظاهر أَن الجملة تذييل للدعاءِ.
قال القرطبي: (أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى) تهديد بعد تهديد ووعيد بعد وعيد، فهو وعيد أَربعة لأَربعة كما روى أَنها نزلت في أَبي جهل الجاهل بربه فقال تعالى:
١ - فلا صدق.
٢ - ولا صلي.
٣ - ولكن كذب.
٤ - وتولى.
أَي أَنه لا صدق رسول الله، ولا وقف بين يدي ربه فصلى، ولكن كذب رسول الله تولى، فتركُ التصديق خصلة وترك الصلاة خصلة والتكذيب خصلة والتولي عن الله خصلة، فجاءَ الوعيد أَربعة (أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى... ) إِلخ - مقابلة لترك الخصال الأَربعة والله أَعلم.