أَي: ودوام على ذكر ربك بلسانك مستحضرًا ربوبيته ورعايته لك وأَنك مخلوق له يقوم على أَمرك ويتولى شأنك إِذ هو قيوم السموات والأَرض، ، وأَن يكون الذكر في أَول النهار مبتدئًا به يومك ليعمك الخير وتُهدى إِلى البر ويشملك التوفيق، وتذكره كذلك في وقت الأَصيل وهو من العصر إِلى المغرب، أَو من الزوال إِلى غروب الشمس، أَي: املأً نهارك كله بذكر الله.
٢٦ - (وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا):
أَي: وفي جزءٍ من الليل اخضع لربك وصلِّ له واقترب منه؛ فإِن العبد أَقرب ما يكون من ربه وهو ساجد، وقيل: المراد من الذكر في البكرة صلاة الصبح، وفي الأَصيل صلاة الظهر والعصر، ومن قوله: (وَمِنْ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ) صلاة المغرب والعشاء.
(وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) أَي: سبح ربك وقَدِّسْهُ ونَزِّهْهُ عمَّا لا يليق بجنابه الكريم، ومقامه السامي الرفيع في هزيع وجزءٍ من الليل؛ لأَن الليل وقت المناجاة، وصفاءِ النفس، والبعد عن شواغل الحياة، وهو أَيضا وقت نزول الرحمات، وبخاصة في آخره -فإِن رحمة الله تنزل إِلى سماءِ الدنيا ليغفر ربنا -سبحانه- لمن استغفره، ويعطي من سأَله، ويستجيب لمن دعاه، ولعل المراد من السجود المأْمور به في الآية هو صلاة الليل وهي التهجد الذي هو مندوب إِلاَّ في حقه ﷺ فإِنه واجب عليه، اختصه الله به ليرفعه إِلى الدرجات العلا والمنزلة العظمى، قال تعالى: "وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا" (١).

(١) الآية ٧٩ من سورة الإسراء.


الصفحة التالية
Icon