(كَالْقَصْرِ): كالبناءِ العالي العظيم، وقيل: غير ذلك.
(جِمَالَةٌ): جمع جمل، وقيل: غير ذلك وسيأتي.
التفسير:
٢٩ - ٣١ - (انطَلِقُوا إِلَى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ * انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ * لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنْ اللَّهَبِ):
أَمر الله هؤلاءِ المكذبين -أَمر إِهانة وتوبيخ وتقريع- أَن يذهبوا ويسيروا إِلى ما كانوا يجحدون به وينكرونه من عذاب يوم القيامة؛ أَمرهم بذلك أَولًا أَمرًا عامًّا ولم يبين لهم فيه كنه العذاب ولا صفته ولا صورته، ثم أَمرهم -ثانيًا- بقوله: (انطَلِقُوا) أَي: اذهبوا لتلقي أَول مراتب هذا العذاب ومنازلة، الذي وضحه -سبحانه- بقوله: (إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) أَي: إِلى الاستظلال بدخان جهنم الذي قد انقسم وتفرق -لعظمه وشدته- إِلى ثلاث شعب؛ شعبة وطائفة منه تكون من فوقهم، وأُخرى من تحتهم، وثالثة تحيط بهم من كل جانب، وذلك كقوله: "لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنْ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ" (١)، وقوله " يَوْمَ يَغْشَاهُمْ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ" (٢) أَو شعبة على يمينهم، وشعبة على يسارهم، وشعبة ثالثة من فوقهم.
ويحتمل أَن تكون تلك الشعب الثلاث للمنافقين، وللكافرين، وللعصاة من المؤمنين، لكل فريق شعبة توافق وتناسب جرمه وذنبه، فتظلهم تلك الشعب حتى يفرغ من حسابهم، أَما المؤمنون فهم في هذا الوقت في ظل عرش الله.
(لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنْ اللَّهَبِ): جاءَت هذه الآية قاطعة لرجائهم ومخيبة لآمالهم من أَن يكون في ذلك الظل راحة لهم؛ إِذ قد بين -سبحانه- أَنه غير مظل وغير مفيد ولا مسعد من يستظل به من حر الشمس، ففي الأَثر: إِن الشمس تقرب يوم القيامة من رءُوس
(٢) من الآية: ٥٥ من سورة العنكبوت.