(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا): أَي إِن يوم القيامة مؤقت بأَجل محدود في علم الله لبعث الأَوَّلين والآخرين لا يزاد عليه ولا ينقص عنه كما قال -سبحانه-: (وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَعْدُودٍ) (١) وفي ذلك رد على من كانوا يستعجلون قائلين: "مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ" (٢).
١٨ - (يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا):
الآية وما يتلوها نوع تفصيل لكيفية وقوع يوم القيامة وما يقع فيه من أَهوال، و (يَوْمَ) في قوله تعالى: (يَوْمَ يُنفَخُ) وقع بدلان من يوم الفصل، أَو عطف بيان مفيد لزيادة تفخيمه وتهويله، أَي: أَن يوم الفصل هو يوم النفخ في الصور الذي يحدث فيه ما يحدث، والمراد، النفخة الثانية لإسرافيل -عليه السلام- في الصور، وهو القرن الذي أُعد لذلك، وقيل: هذا تصوير لبعث الله للناس يوم القيامة بسرعة لا يمثلها إِلاَّ نفخة في بوق يصدر عنها صوت عظيم بعيد المدى.
وعلينا أَن نؤمن بما ورد من النفخ في الصور، وليس علينا أَن نعلم ما هي حقيقة هذا الصور، والبحث في هذا لا يسوغ، وليس علينا من حرج في تركه، ولا ضير في تأَخير الفصل عن النفخ حسب وقوعه -فإِن زمان القيامة زمن ممتد يقع النفخ في أَوله، وفي بقيته الفصل ومباديه وآثاره (فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا) أَي: فتبعثون من قبوركم فتأَتون إلى الموقف -عقب ذلك بغير مهلة أصَلا- أُمما، كل أَمة بإِمامها كقوله تعالى: "يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ" (٣) أَو زُمَرًا وجماعات مختلفة الأَحوال متباينة الأَوصاف حسب اختلاف الأَعمال وتباينها.
١٩ - (وَفُتِحَتْ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا):
أَي: شقوقًا اتخذها الملائكة طرقًا ومسالك لنزولهم، كقوله تعالى: "وَيَوْمَ تَشَقَّقُ
(٢) يس، من الآية: ٤٨.
(٣) الإسراء، من الآية ٧١.