١٢ - (قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ):
حكاية لكفر آخر من منكري البعث متفرع عن كفرهم السابق الذي أَنكروا فيه البعث، أَي: قالوا بطريق الاستهزاء مشيرين إِلى ما أَنكروه من الرد في الحافرة مشعرين بغاية بعده عن الوقوع: (تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ) أَي: رجعة ذات خُسْر، أَو خاسر أَهلها، بمعنى إِذا صحت تلك الرجعة وعدنا إِلى ما كنا عليه من الحياة فنحن خاسرون لتكذيبنا بها، وأَبرزوا ما قطعوا بانتفائه واستحالته في صورة ما يغلب على الظن وقوعه لمزيد من الاستهزاءِ والسخرية.
١٣ - (فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ):
تقليل لإِنكارهم إِحياء الموتى الذي عبروا عنه الكرَّة ولما كان مدار إِنكارهم للكرَّة استصعابهم لها، رد عليهم سبحانه بالآية الكريمة: لا تحسبوا تلك الكَّرةَ صعبة على الله -عز وجل- فإِنها سهلة هينة لأَنها ما هي إِلا صيحة واحدة تحصل بها الرجعة وتتحقق، وهي النفخة الثانية، وعبر عنها بالزجرة تنبيها على كمال اتصالها بها كأَنها عينها، وبهذه النفخة التي ينفخها إسرافيل - عليه السلام - في الصور يبعث الله الأَولين والآخرين فإِذا هم قيام بين يدي الرب - عز وجل - ينظرون، كما قال سبحانه: (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلًا) (١) وكما قال جل وعلا: "وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ" (٢).
١٤ - (فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ):
بيان لترتيب الرجعة على الزجرة مفاجأَة، أَي: فإِذا هم حضور في الموقف على وجه الأَرض بعدها كانوا أَمواتًا في جوفها، قال ابن عباس: الساهرة: الأَرض كلها، وكذا قال سعيد بن جبير وقتادة، وحكى الراغب في الساهرة قولين: الأَول: أَنها وجه الأَرض، والثاني أنها أَرض القيامة، وفي الكشاف: الأَرض البيضاء التي لا نبات فيها المستوية، سميت
(٢) سورة القمر، الآية: ٥٠.