التفسير
١٨ - (كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ):
لما ذكر -سبحانه- حال الفجار المطففين أَتبعه بذكر حال الأَبرار الذين لا يجورون ولا يظلمون فقال: (كَلاَّ) أَي: ليس الأَمر كما يزعمه هؤُلاءِ الفجرة من إِنكار البعث ومن أَن القرآن الكريم خرافات وأَكاذيب الأَولين، ثم قال: (إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) أَي: إِن ما يفعله الأَبرار من أعمال الخير والطاعة مسطور ومكتوب في ديوان الخير الذي يكتب فيه كل ما عملته الملائكة وصالحو المؤمنين من الإِنس والجن، وسمي بذلك لأَنه سبب الارتفاع إِلى الجنات؛ إِذ يرقى الأَبرار ويرتفعون من درجة إِلى أُخرى حيث يشاءُ الله من رضوانه وقربه، وقيل: إن (عِلِّيِّينَ) جمع عِلِّيّ عَلى (فِعِّيل) من العلو للمبالغة في سموه ورفعة شأْنه، وقال آخرون: هي مراتب عالية محفوفة بالجلالة قد عظمها الله وأَعلى شأْنها.
وقيل: إِن لكل من الأَبرار والفجار كتابًا خاصًّا بهم تكتب فيه أَعمالهم، ثم يضم كتاب الأَبرار إِلى كتاب أَعظم وأَشمل يحويه كما يحوي ويضم كل كتاب من كتب الأَتقياء والصلحاءِ من الثقلين وكتب الملائكة.
أَما كتاب الفجار فهو وما على شاكلته من كتب الأَشقياءِ والمردة والشياطين فيوضع ويسجن في كتاب خسيس حقير في مكان ضيق مهين وهو سجِّين (١).
١٩ - (وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ):
أَي: ما الذي أَعلمك يا محمد أَي: شيءٍ عِلِّيُّونَ؟ وذلك تفخيمًا لشأْنه وتعظيمًا لمنزلته، إِنه في الدرجة الرفيعة والمنزلة السامية.