يا ثبوراه تَعَالَ فهذا أَوانك، والثُّبُور: الهلاك والخسران والويل، وهو اسم جامع لأَنواع المكاره، والمعنى: أَنه يتمنى موته وهلاك نفسه.
(وَيَصْلَى سَعِيرًا): ويدخل جهنم يحترق بنارها، أَو يقاسي شدة حرها ولهيبها.
١٣ - (إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا):
أَي: إِنَّ الكافر الذي يدعو الثبور ويصلى السعير إِنما استحق ذلك لأَنه كان في الدنيا بين عشيرته وأَهله فَرِحًا بَطِرًا مترفًا، لا ينظر في العواقب كعادة الفُجّار من أَهل الدنيا الذين لا يهمهم أمر الآخرة، ولم يكن متفكرًا في حاله ومآله كعادة وطبيعة الصلحاء المتقين الذين حكى الله عنهم فقال: "قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ" (١) وهذه الآية استئناف لبيان سبب ما استحقوه من عذاب.
١٤ - (إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ):
هذه الآية تعليل لسروره في الدنيا بين أَهله وعشيرته.
أَي: إِن هذا الكافر كان مسرورًا في الدنيا ولا يبالي بشيءِ لأَنه كان يكذب بالبعث يعتقد أَنه لن يرجع إِلى الله تعالى، فلا يعيده ربه بعد موته للحساب، والحور: الرجوع مطلقًا، والمراد هنا -كما قال ابن عباس وقتادة وغيرهما-: الرجوع إِلى الله للجزاء بقرينة المقام.
١٥ - (بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا) (٢):
المعنى: بلى يحور ويرجع البتة؛ لأَن الله - عز وجل - الذي خلقه كان به وبأَعماله الموجبة للجزاء بصيرًا بحيث لا تخفى عليه -سبحانه- منها خافية، فلا بد من رجوعه وحسابه ومجازاته.
(٢) (بلي): إيجاب لما بعد النفي في (لن يحور) و (إن ربه كان به بصيرًا) تحقيق وتعليل له.