التفسير:
١٦ - (فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ):
أَي: فأَقسم قسمًا مؤكدًا -كما يشعر بذلك ذكر "لاَ"- (بِالشَّفقِ): وهو الحمرة التي تشاهد في الأُفق بعد الغروب، وبسقوط الشفق يخرج وقت المغرب ويدخل وقت العشاء عند عامة العلماءِ، إِلا ما ورد في بعض الروايات عن أَبي حنيفة، وقيل الشفق: البياض الذي يلي تلك الحمرة، وبه قال أَبو هريرة، وهو إِحدى الروايات عن أَبي حنيفة. وصح عن مجاهد أَنه قال في هذه الآية: (فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ) قال السفق: هو النهار كله وإِنما حمله على هذا قَرْنُ الشفق بقوله تعالى: (وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ) كأَنه أَقسم بالضياءِ والظلام.
١٧ - (وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ):
أَي: وأَقسم على سبيل التأكيد باللَّيل وما جمعه وضمه وآوى إِليه من الدواب وغيرها. وعن مجاهد: ما يكون فيه من خير أَو شر، وقيل: وما ستره وغطى عليه بظلمته.
١٨ - (وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ):
أَي: وأَقسم قسمًا مؤكدًا بالقمر إِذا اجتمع نوره وتمَّ وتكامل وصار بدْرًا وذلك -كما قال الزمخشري-: هي ليلة أَربع عشرة.
١٩ - (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ):
هذا الكلام خطاب لجنس الإِنسان المنادَى أَولا في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ) إِلخ.. باعتبار شموله لجميع أَفراد الإِنسان والمراد بالركوب: الملاقاة، وبالطبق الحال المطابقة لغيرها، والمعنى: لتلاقن أَيها النَّاس حالا بعد حال، كل حال مطابقة لغيرها في الشدة والهول.