وسمعوا كلامه -وهو القرآن العظيم- لا يستكينون ولا يخضعون بأَن يُؤمنوا به لإِعجازه، فالمراد بالسجود: الخضوع والاستكانة، وقيل: المراد به الصلاة، وقيل: المقصود به سجود التلاوة، ويكون المراد بما قبله (وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ) أَي: وفيه آية سجدة. أَخرج مسلم وغيره عن أَبي هريرة قال: سجدنا مع رسول الله ﷺ في (وإِذا السَّمَاءُ انشَقَّتْ) و (اقْرَا بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ).
٢٢ - (بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ):
هذه الآية انتقال عن كونهم لا يسجدون عند قراءَة القرآن وسماعهم له إِلى أَنهم يكذبون به صريحًا، وقيل المعنى: بل هؤُلاءِ من سجيتهم التكذيب بالبعث وغيره، والعناد والمخالفة للحق تعاليًا عنه وتكبرًا.
٢٣ - (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ):
أَي: والله أَعلم بالذي يضمرونه في صدورهم من الكفر والحسد والبغضاء والبغي، أَو: والله أَعلم بما يجمعونه في صحفهم من أَعمال السوءِ فيجازيهم عليها، وقال بعضهم: المعنى -والله أَعلم بما يضمرون في أَنفسهم من أَدل صدق القرآن فيكون المراد المبالغة في عنادهم وتكذيبهم بالقرآن مع علمهم بصدقه.
٢٤ - (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ):
الفاءُ في قوله تعالى: (فَبَشِّرْهُمْ) لترتيب ما بعدها على ما قبلها.
والمعنى: فبشر الكفار يا محمد بأَن الله عز وجل قد أَعَدَّ لهم عذابا مؤلمًا موجعًا لتكذيبهم بالقرآن أو لعلمه -سبحانه وتعالى- بما يضمرون في أَنفسهم من الشرور والآثام.
والتعبير بالتبشير في هذا المقام مع أَنه في المشهور يكون للإِخبار بأَمر سارٍّ -للتهكم والسخرية بهم.