وجاءَ في الأَخبار عن عظمه ما يبهر العقول، وقال القفال: ذو العرش: ذو الملك والسلطان. (الْمَجِيدُ): العظيم في ذاته وصفاته - سبحانه وتعالى - فإِنه - جلّ شأَنه - واجب الوجود، تام القدرة، كامل الحكمة.
١٦ - (فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ):
لأَن ما يريد ويفعل في غاية الكثرة، وفي التنكير من التفخيم ما لا يخفى، أي: أَنه -سبحانه- لا يعجزه شيءٌ، ولا معقب لحكمه، ولا يسأَل عما يفعل لعظمته وقهره وحكمته كما روي عن أَبي بكر الصديق أَنه قيل له وهو في مرض الموت: هل نظر إِليك الطبيب؟ قال: نعم، قالوا فما قال لك؟ قال: قال لي: إِني فَعَّال لما أُريد -يريد أَن الطبيب على الحقيقة هو الله- فهو سبحانه فعال لما يريد؛ لا يتخلف عن قدرته مراد.
١٧ - (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ):
تقرير لكونه - سبحانه وتعالى - فعالا لما يريد، وكذلك لشدة بطشه بالظَّلَمَةِ والعصاة والكفرة الْعُتاة، وتسلية له ﷺ بالإِشعار بأَنه سيصيب كفار قومه ما أَصاب الجنود، والمراد بالجنود هنا: الأَقوام والجماعات الذين تجندوا على أَنبياءِ الله واجتمعوا على أَذاهم.
والمعنى: هل بلغك يا محمد ما أَحلّ الله بهم من البأْس وأَنزل عليهم من النقمة التي لم يردّها عنهم رَادٌّ ولم يدفعها عنهم دافع؟ وهذا تقرير لقوله تعالى: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) أَي: إِذَا أَخذ الظالم أَخذه أَخذًا أَليمًا شديدًا: أَخذ عزيز مقتدر، عن عمر ابن ميمون قال: مر النبي ﷺ على امرأة تقرأُ: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ) فقال: "نَعَمْ جَاءَني".
١٨ - (فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ):
قوم فرعون وثمود (بدل من الجنود) والمراد بحديثهم: ما صدر عنهم من التمادي في الكفر والضلال، وما حل بهم من العذاب والنكال.
والمعنى: قد أَتاك حديث قوم فرعون وثمود، وعرفت ما فعلوا وما فُعِلَ بهم، وما حل بهم من جزاءِ تماديهم في الباطل، فَذَكر قومك بأَيام الله وأَنذرهم أَن يصيبهم مثل ما أَصاب


الصفحة التالية
Icon