فيهما: سبحان ربي العظيم، وسبحان ربي الأَعلى دون ذكر لفظ (اسم) كما استدل أَيضًا على أَن (اسم) زائد بما أَخرجه الإِمام أَحمد وأَبو داود، والطبراني، والبيهقي في سننه عن ابن عباس: أَن رسول الله ﷺ كان إِذا قرأَ (سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) قال: سبحان ربي الأَعلى.
وقوله -سبحانه - (الأَعْلَى) صفة للرب، وهو الأَظهر، وأُريد بالعلو: أَنه -سبحانه- يعلو بقدره واقتداره لا بالمكان؛ لاستحالته عليه، ويجوز أَن يكون لفظ الأَعلى صفة للفظ (اسم) والمراد بعلوه حينئذ: تَرَفُّعُهُ عن أَن يشاركه اسم في حقيقته.
٢ - (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى):
صفة ثانية، وحذف مفعول (خلق) لقصد التعميم. أَي: خلق كل شيءٍ فجعل خلقه متساويًا كما تقتضيه حكمته وإِتقانه. ويتنسى لهذا المخلوق أَن يؤدي ما خلق له على أَكمل وجه، وقال في البحر، خلق كل شيء فسواه بحيث لم يأْت متفاوتًا بل مناسبًا في إِحكام وإِتقان للدلالة على أَنه من عالم حكيم.
٣ - (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى):
صفة أُخرى، وكذا حال ما بعده، أَي: جعل الأَشياءَ مقدرة على مقادير مخصوصة في أَجناسها، وأفرادها، وأَفعالها، وآجالها، وهدى كلا منها إِلى ما يصدر عنه، وينبغي له طبعًا واختيارًا، ويسره لما خلق له بخلق الإِلهامات، ونصب الدلالات، وإِنزال الآيات، ولو تأَملت في خلق الإِنسان وأَحوال النباتات والحيوانات لرأَيت عجبًا مما تحار فيه العقول، وتعجز عن إِدراك الأَلباب، وحسبك أَنه -سبحانه - وأَدع في الإِنسان عقلًا يميز به بين الخير والشر، والضار والنافع، وسخر له كنوز الأَرض وخيراتها وجعل كل ما عليها طيِّعا له منقادًا، ووجه الحيوانات إِلى مراتعها، والطيور إِلى مآكلها، والهوام إِلى حاجاتها، وأَما فنون هداياته في غير ذلك فمما لا يعلمه إلاَّ العليم الخبير. وعن السدي: قدر للولد في البطن تسعة أَشهر أَو أَقل أَو أَكثر، وهداه للخروج منه للتمام.