انتهي حرها وغليانها وحان شربها، والتأْنيث في هذه الصِّفات والأَفعال راجع إِلى الوجوه، والمراد أَصحابها بدليل قوله تعالى - تعالى -:
٦، ٧ - (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ * لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ):
بيان لطعامهم إثر بيان شرابهم، أَي: إِن طعامهم في النار الذي ليس لهم طعام سواه هو الضريع، وهو كما قال عكرمة: شجرة ذات شوك لاصقة بالأَرض، وقال غير واحد: هو جنس من الشوك ترعاه الإِبل رَطْبًا فإِذا يبس تَحَامَتْهُ، وهو شر الطعام وأَبشعه لا تقربه دابة، أَو هو سُمٌّ قاتل، وقريش تسميه في الربيع الشِّبْرِق وفي الصيف الضَّرِيع، والظاهر أَنه يستحضر لهم حقيقة، أَشار إِلى ذلك الآلوسي.
وقيل: هو شجرة نارية تشبه الضريع أَمَرُّ من الصبر وأَنْتَنُ من الجِيفة، وأَشد حرارة من النار، والله -سبحانه - الذي أَخرج من الشجر الأَخضر نارًا لا يعجزه أَن ينبت في النار شجر الضريع.
والمعذبون من الكفار طبقات، فمنهم مَن طعامُه في النار الضريع، ومنهم من طعامه الغسلين، ومنهم من طعامه الزقوم، فلا تناقض بين هذه الآية وبين قوله: "وَلا طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ (١).
(لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) أَي: إِن طعامهم ليس من جنس الطعام الذي يذهب الجوع ويمد بالسَّمَنِ، وإِنما هو من شوك، والشوك ممَّا ترعاه الإِبل وتقبل عليه، وهذا نوع منه تعرض عنه الإِبل ولا تقربه؛ فليس له من منفعة الغذاءِ شيءٌ، وقيل: إِنه طعام عنده يتضرع إِلى الله تعالى ويطلب الخلاص عنه. وليس فيه منفعتا الغذاءٍ أَصلًا، وتنكير الجوع للتحقير، أَي: لا يغني من جوع مَّا.