قال تعالى: "وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ) (١) وقد امتن عليهم -سبحانه- بقوله: "وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً" (٢).
٩ - (وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ):
عطف على عاد، وثمود: قبيلة مشهورة، سميت باسم جدهم (ثمود) أَخي جديس، وهما ابنا عامر بن إِرم بن سام بن نوح - عليه السلام - كانوا عربًا من العارية يسكنون الحجر بين الحجاز وتبوك، وكانوا يعبدون الأَصنام، وقد جابوا صخر الجبال أَي: قطعوه، واتخذوا فيها بيوتًا نحتوها من الصخر، كما قال تعالى: "وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ" (٣) وهم أَول من نحت الجبال، والصخور، والرخام، وقيل: إِنهم بنوا أَلفا وسبعمائة مدينة كلها من الحجارة بوادي القرى.
١٠ - ١٢ - (وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ * فأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ):
أَي: وفرعون ذي الجنود الكثيرة، وكانت لهم مضارب متعددة يضربون أَوتادها إِذا نزلوا حتى تستوعب تلك الأَعداد الموفورة، وقيل: إِنه كان يدق للمعذب أَربعة أَوتاد، ويشده مبطوحًا على الأَرض فيعذبه بما يريد من ضرب أَو إِحراق أَو غيرهما.
(الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ): صفة للمذكورين: عاد، وثمود، وفرعون، أَي: وعتوا في البلاد التي كانت لهم وتجاوزوا الحد في الظلم والطغيان: (فأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ) أَي: بالكفر بالله، واقتراف سائر المعاصي.
١٣ - (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ):
المراد: إِيقاع العذاب بهم على أَبلغ الوجوه وأَشدها، إِذ الصب لشيءٍ مائع يشعر بالتتابع والسوط بشعر بزيادة الإِيلام، حيث إِنه شاع استعماله في الجلد المضفور الذي يتخذ عادة للمبالغة في العقاب، أَي: عذبوا عذابًا دائمًا مؤلمًا.
(٢) سورة الأَعراف، من الآية: ٦٩.
(٣) سورة الشعراء الآية: ١٤٩.