(وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ):
أَي: يوصي بعضهم بعضًا بالصبر وحبس النفس ورياضتها على تحمل تبعات الطاعات ومشاقها، ومغالبة شهوات المعاصي وسورتها وغلوائها، والبعد عن بطر النعمة والفتنة بها وأَشرها، والتَّجَافِي من الجزع في المصائب والنوازل وأَهوالها.
(وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ):
أَي: يحث بعضهم بعضًا على الأَخذ بأَسباب الرحمة، وذلك بأَن يرحم المظلوم فيعينه على أَخذ حقه، ويشفق على الفقير فيعطيه مما أَفاءَ الله عليه، ويمنع المقدم على المنكر من مقارفته، وأَن يدل غيره على طريق الخير والحق، ويمنعه من سلوك طريق الشر والباطل ما وسعه ذلك، وفي الجملة يكونون محل رحمة ومكان شفقة: يعاونون غيرهم من أَرباب الحاجات وأَصحاب الكربات حتى يكون الله في عونهم ويعمهم برحمته.
وفي قوله: (وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) إِشارة إِلى تعظيم أَمر الله بالصبر على شدائد التكاليف الشرعية، وبذل الجهد والوسع فيها، وفي قوله: (وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) إِشارة إِلى الشفقة على خلق الله، هذا وإِن الطاعات لا تقوم إِلاَّ على هذين الأَصلين صدق مع الحق سبحانه، وخُلق مع الخلق وشفقة بهم.
١٨ - (أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ):
أَي: أَولئك الذين علت منزلتهم وارتفعت مكانتهم باتصافهم بالصفات الجليلة والنعوت العظيمة أَصحاب اليمين والبركة، فهم مباركون وميادمين على أَنفسهم وعلى غيرهم ممن يعاشرونهم ويخالطونهم، أَو هم أَهل الجنة السعداءُ.
١٩، ٢٠ - (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ):
أَي: والذي كذبوا بآياتنا وأَنكروها ولم يؤمنوا بها مع كمال ظهورها ووضوح حجتها هم -دون غيرهم- أَرباب الشؤْم والشر، وأَهل الشقاءِ والبؤس، تتسلط عليهم نار شديدة الإِحراق، مطبقة ومغلقة عليهم لا يفتح لهم منها باب، ولا يخرجون منها من غم أُصيبوا به، ولا يخفف عنهم من عذابها، فهم فيها أَبد الآباد، لا تنفك عنهم، وما هم منها بمخرجين.


الصفحة التالية
Icon