لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ" (١) أَي: أَقسم إِذا غطى النهار أَو يغطي كل شيءٍ بظلمته، أَو يغشي الأَرض ويسترها بظلامه، وأَقسم بالنهار إِذا انكشف وظهر ضوؤه.
٣ - (وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى):
القَسم إِما بالخلق وإِما بالخالق، فأَقسم بخلق الذكر والأُنثى، وما في هذا الخلق من إِبداع واقتدار حيث خلقهما من نفس واحدة، وغاير بينهما في كثير من الغرائز والصفات والطبائع فتركيب كلٍّ مختلف عن تركيب الآخر في كثير من الأَعضاء والغدد وغيرها، والذكر يتباين في بعض المهام عن الأُنثى، ولكلٍّ خصائصه ودوره ورسالته في الحياة، أَو أَقسم بالخالق وهو الله القادر العظيم الذي خلقها على نظام بديع وإِبداع حكيم، وأَنه -جلت قدرته- جعل الحياة لا ينتظم أَمرها ولا يستقيم شأْنها إِلاَّ بهما معًا، هذا ولمراد بالذكر والأُنثى، آدم وحواء، أَو جميع ذوي الأَرواح الذين هم أَشرف المخلوقات.
٤ - (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى):
هذا جواب القسم، أَي: إِن عملكم لمتباين ومختلف في جزائه، فمنكم الصالح التقي الذي يثاب على عمله بالجزاءِ الحسن، ومنكم الكافر والمذنب الذي يعاقب على ما بدر وصدر منه وفقًا لعدل الله في إِثابة الصالح ومعاقبة العاصي والكافر، كما أَن عملكم لمختلف ومتباين في الدنيا أَيضًا، فبعض الناس يحرث، وآخر يصنع، وذاك يداوي، وسواه يعمل في شئون الحياة المختلقة، لأَنها لا تسير ولا تستقيم إلاَّ بتعاون الناس كلُّ في شأْن من شئونها وعمل من أَعمالها؛ حتى يشعروا جميعًا أَن كلاًّ منهم في حاجة إِلى الآخر؛ ليتم التعاون ويكمل الترابط، ويتخذ بعضهم بعضًا سُخريًّا، فلا يشعر أَحد أَنه في غنى عن الآخر.