يَومْ يُصْبِحُ الْعبَادُ فِيهِ إِلاَّ وَمَلَكَانِ يَنْزِلانِ فَيَقَول أَحدهما: اللَّهم أَعْطِ مُنفِقًا خَلَفًا، ويقُولُ الآخَرُ: اللَّهم أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا) كما رواه مسلم.
١٠ - (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى):
أَي: للخصلة المفضية والمؤدية إِلى العسر والشدة: كعذاب القبر، وشدة الحساب، ودخول النار، أَي: سنهيئه لذلك ونعده له؛ إِذ قد علم الله ذلك منه وقدره عليه.
وقيل: التيسير في العطاءِ بمعنى اللطف، وفي البخل بمعنى الخذلان، واليسرى والعسرى الطاعة، لكونها أَيسر شيءٍ على المتقي وأَعسره على غيره، والمعنى على هذا: فأَما من أَعطى فسنلطف به ونوفقه حتى تكون الطاعة عليه أَيسر الأُمور وأَهوانها، من قوله تعالى: "فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ" (١) وأَما من بخل فسنخذله ونمنعه الأَلطاف حتى تكون الطاعة أَعسر شيءٍ عليه وأَشد، وذلك من قوله تعالى: "وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا ك أَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ" (٢).
١١ - (وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى):
أَي: وما ينفعه ماله ولا يدفع عنه العذاب في النار إِذا سقط وهلك فيها.
والمعنى: فماذا يغني ويمنع عنه ماله الذي بخل به وتركه لورثته ولم يصحبه منه شيءٌ إِلى آخرته التي هي موضع فقره وحاجته، كما قال تعالى: "وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ" (٣)، وقال: "وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا" (٤) أَي: لا ينجيه هذا المال الذي تركه إِذا هلك وسقط في النار، إِنما الذي ينتفع الإِنسان به هو ما يقدمه لنفسه من أَعمال البر: كإِعطاءِ الأَموال في حقوقها دون المال الذي يخلفه على ورثته.
(٢) سورة الأنعام، من الآية: ١٢٥.
(٣) سورة الأنعام من الآية: ٩٤.
(٤) سورة مريم، من الآية: ٨٠.