إِحاطته بتفاصيل الأَحكام والشرائع مما لا يُدْرك إِلا بالوحي، أو من حرصه على إِسلام المعاندين من قومه، وتلهفه عليه وغير ذلك من أُمور تثقل عليه صلى الله عليه وسلم.
"وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ" بالنبوة وغيرها، وأَيُّ رفع أكمل وأَسمى من أَن يقرن اسمه ﷺ باسمه - عز وجل - في كلمة الشهادة والأَذان والإِقامة، وجعل طاعته في غير موضع من القرآن. فقال سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ" (١) "وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ" (٢) وصلى عليه مع ملائكته، وأمر المؤمنين بالصلاة عليه، وخاطبه بالأَلقاب في قوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثَّرُ" "يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ" "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ" "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ" وأَخذ على الأَنبياءِ وأُممهم أَن يؤمنوا به، وذكره سبحانه في كتب الأَولين، وفي حديث مرفوع أَخرجه أَبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وغيرهم عن أَبي سعيد الخدري أَن رسول الله ﷺ قال: "أَتَانِي جبَرِيلُ -عليه السلامُ- فقال: إِنَّ ربَّك يقول: أَتَدْرِي كَيْفَ رَفَعْتُ ذِكْرَكَ؟ قُلْتُ: اللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، قَالَ: "إِذَا ذُكِرْتُ ذُكْرْت مَعِي" واقتصرَ بما ذكر على ما هو أَعظم قدرًا من أَفراد رفع الذكر.
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٦) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ (٧) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ)
المفردات:
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ): يقال: عسر الأَمر عسرًا، مثل: قرب قربًا، وعسارة بالفتح فهو عسير، أَي: صعب شديد، إِشارة إِلى ما هم فيه من فقر وضيق.
(يُسْرًا) أَي: سعة وغنى.
(فَانصَبْ) أَي: فأَتْعبْ نفسك في طلب الآخرة، ونصِبَ نصبًا، من باب: تَعِبَ: أَعيا

(١) من الآية: ٥٩ من سورة النساء.
(٢) من الآية: ٦٢ من سورة التوبة.


الصفحة التالية
Icon