التفسير
١ - ٣ - (إِذَا زُلْزِلَتْ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وأَخْرَجَتْ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا):
أَي: إِذا حركت الأَرض تحريكًا عنيفًا ليس له ما يشبهه أَو يدانيه في الهول والشدة، إِذ هو مخصوص بها حسبما تقتضيه المشيئة الإِلهية المنبئة على الحكم البالغة.
أَو المعنى: إذا حركت تحريكًا عجبيًا لا يقادر قدره، ولا يستبان كنهه. وذلك عند نفخة البعث؛ لقوله تعالى: (وأَخْرَجَتْ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا) أَي: لفظت بسبب الزلزال كنوزها وموتاها أَحياءً للحساب والجزاءِ. روي ذلك عن النقاش، والزجاج، منذر بن سعيد، واقتصر بعضهم على تفسير الأَثقال بالكنوز وقال: تخرج الأَرض كنوزها يوم القيامة ليراها أَهل الموقف، فيتحسر العصاة إِذا نظروا إِليها، حيث عصوا الله فيها، ثم تركوها لا تغني عنهم شيئًا، وعليه فالأَثقال جمع ثقل -بالتحريك- وهو كل نفيس مصون. (وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا) أَي: ما بالها زلزلت هذه الشدة، ولفظت ما في بطنها، قال ذلك كل فرد من أَفراد الإِنسان عند الزلزلة والعودة إِلى الحياة، لما شاهدوا من الأَمر الهائل الذي بهرهم لفظاعته، حيث سيرت الجبال في الجو، وصيرت هباءً، على أَن المؤْمن يقول ذلك بطريق الاستعظام، والكافر يقوله بطريق التعجب، وقيل: هذا قول الكافر؛ لأَنه كان لا يؤمن بالبعث، وأَما المؤمن فيقول: "هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ" (١).
٤، ٥ - (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا):
أَي: يوم إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا الشديد المتكرر تحدث الخلق أخبارها.
قيل: ينطقها الله حقيقة، فتخبر بطريق المقال بما عُمِلَ عليها من خير وشر، وتشهد على كل واحد بما عمل على ظهرها، ويشهد لذلك ما أَخرجه الإِمام أَحمد والترمذي عن أَبي هريرة قال: قرأ رسول الله ﷺ هذه الآية (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) ثم قال: "أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارَهَا"؟ قالوا: اللهُ وَرسولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ فَإِنَّ أَخْبَارَهَا أَنْ تَشْهَدَ عَلى كل عَبْد وأَمَة