والظاهر أنه ثناء على أَهل اليمن؛ لإسراعهم إلى الإيمان وقبولهم له بسهولة ويسر، ويشمل الأنصار وغيرهم، والظاهر أيضًا أن الخطاب في (وَرَأَيْتَ) للنبي ﷺ وقيل: الخطاب عام لكل مؤمن.
٣ - (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا):
أي: إذا تم لك ما ذكر فاشكر المنعم (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) أي: فنزهه تعالى بكل ذكر يدل على التنزيه، حامدًا له - جل وعلا - زيادة في عبادته والثناء عليه سبحانه لزيادة إنعامه عليك، فالتسبيح: التنزيه، لا التلفظ بكلمة (سبحان).
والمعنى: اجمع بين تسبيحه تعالى -وهو تنزيهه عمَّا لا يليق من النقائض- وتحميده وهو إثبات ما يليق به من المحامد له لعظم ما أنعم سبحانه به عليك صلوات الله وسلامه عليك.
(وَاسْتَغْفِرْهُ) أي: واطلب منه أن يغفر لك ولأُمتك، روي في مسند أحمد وصحيح مسلم عن عائشة قالت: كان رسول الله ﷺ يكثر في آخر أمره من قوله: سبحان الله وبحمده، أَستغفر الله وأتوب إليه، ويجوز أن يراد بالتسبيح: التعجب، أي: فتعجب لتيسير الله تعالى لما لم يخطر ببالك وبال أحد من أن يغلب أحدٌ على أهل الحرام، واحمده على ذلك، وقيل: المراد بالتسبيح الصلاة، لاشتماله عليها، ونقل ابن الجوزى ذلك عن ابن عباس، وقد روي أنه ﷺ لما دخل مكة صلى في بيت أُم هانئ ثمانى ركعات، وهي سُنَّة واستغفاره -صلى الله عليه وسلم - لأنه كان دائمًا في التَّرقي إذا ترقى إلى مرتبة استغفر لما قبلها.
وقيل: لتعليم أُمته، وقيل: استغفاره لأُمته، أي: واستغفره لأُمتك.
قال الآلوسي: وأَنت تعلم أن كل أَحد مقصر على القيام بحقوق الله تعالى كما ينبغي، وعن أَدائها على الوجه اللائق بجلاله، وإنما يؤديها على ما يعرف، والعارف يعرف أن قدر الله عز وجل أعلى وأجل من ذلك، فهو يستحي من عمله، ويرى أنه مقصر، وكلما كان الشخص بالله تعالى أَعرف كان له - سبحانه وتعالى - أَخوف، وبرؤية تقصيره أبصر، فيمكن أن يكون استغفاره عليه الصلاة والسلام لما يعرف من عظيم قدر الله وعظمته، فيرى أن عبادته وإن كانت أجل من عبادة جميع العابدين فهي دون ما يليق بهذا الجلال


الصفحة التالية
Icon