والأَشهر الحُرُمُ هي: - كما قدمنا - ذو القعدة، وذو الحِجة، والمُحرم، ورجب.
(وَلَا الْهدْىَ ولَا الْقَلائِدَ):
كذلك نهاهم أَيضا، عن أَن يعتدوا على الهَدْيِ الذي يُهدَى إِلى الحرم، من الأنعام لينتفِع به عباد الله، أَو أَن يعتدوا على ما قُلِّدَ من هَدْيِ الأَنعام، فَجُعِلتْ به علامة للدلالة على أَنه مُهْد إِلى بيت الله، وذلك بقوله تعالى: (وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ): وخص القلائد بالنهي عن الاعتداءِ عليها - مع أَنها داخلة في الهَدي - تشريفا لها، واعتناءً بها.
والمراد من إِحلالِ الهَدْيِ والقلائد المنهي عنه - غصبها، أَو منعُها من بلوغ محلها، أَو إِصابتها بسوءٍ، وذهب ابن كثير إِلى أَن المعنى: لا تتركوا عبادة الإِهداءِ إِلى البيت الحرام فإِن فيه تعظيم شعائر الله. ولا تتركوا تقليدها في أَعناقها لتُعْرَف به عما عداها من الأَنعام، وليعلم أَنها هدى إلى الكعبة فيجتنبها من يريدها بسوءٍ، وتبعث من يراها على الإِتيان بمثلها.
ونهى الله أَيضا، عن أَن يتعرضوا لقاصدي البيت الحرام بسوءٍ، فقال:
(وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن ربِّهِمْ وَرِضوَانًا):
وذلك لأَنهم إِنما قصدوا أَداءَ المناسك، وابتغاءَ فضل الله ورضوانه.
وهذه المنهيات كلها، دليل على أَن الله يوجب أَن يكون زمان الحج ومكانه، وقاصده والبيت الحرام وما يهدى إِليه - كل ذلك - في أَمْن واطمئنان، فلا خوف ولا اضطراب في أَداءِ هذه الفريضة.
وتكرار "لا" أَربع مرات في (وَلَا الشَّهْرَ الْحرَامَ)، (وَلَا الْهَدْيَ)، (وَلَا الْقَلائِدَ)، (وَلاَ آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ) للدلالة على أَن قوة التحريم في كلٍّ واحدة.
وذكر كل واحدة من هذه المنهيات الخمس منفردة، مع أَنها مجمَلة في (شَعائِرِ اللهِ): لأَهميتها.


الصفحة التالية
Icon