وإِن أَولئك الذين يلجأُون إِلى العرّافين والمنجمين ونحوهم، إِنما يتركون جانب الله العلم القدير، ويركنون إِلى أدعياء يجهلون كل شيء عن مراد الله تعالى، ويعرّضون أَنفسهم؛ لسخط الله، إِلى جانب إِهدار عقولهم وبذل أَموالهم فيما يضرهم ولا ينفعهم.
ولقد علَّمنا رسول الله ﷺ - الاستخارة في الأُمور كلها. وهي من الالتجاءِ إِلى الله تعالى: أَن يقدر الخير لفاعلها ويُرَضِّيه به.
روى البخاري من حديث جابر بن عبد الله، قال: كان رسول الله ﷺ - يعلمنا الاستخارة في الأَمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: "إِذا هَمَّ أَحدُكُم بالأَمرِ فَليَركَعْ رَكْعَتَيْن من غَيْرِ الفَريضَةِ. ثُمَّ ليَقلْ. اللهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ. وأَستَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وَأَسأَلُكَ مِن فَضْلِكَ العَظِيم. فَإِنَّكَ تَقْدِر وَلَا أَقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولَا أَعْلَمُ. وأَنتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللهُم إِنْ كُنت تَعْلَمُ أَنَّ هَذا الأَمرَ - ويُسَمِّي حاجَتَهُ - خَيْرٌ لي في دِيِني وَمَعاشِي وَعَاقِبَةَ أَمْري - أَو قَالَ عاجِلَ أَمْري وآجِلَةُ - فَاقْدُرْهُ لِي، ويَسِّرْهُ ليِ، ثُمَّ بارِكْ لِي فِيه. وإِنْ كُنتَ تَعْلَمُ أَنَّ هذَا الأَمْرَ - ويُسَمِي حاجَتَهُ - شَرٌّ لِي في دِيِني ومَعاشِي، وعَاقبَةِ أَمْري - أَو قال في عاجِلِ أَمْري وآجِلِه - فاصْرفْهُ عَنِّي واصْرفْنِي عَنْهُ، واقْدُرْ لِيَ الخَيْرَ حَيْثُ كانَ ثمَّ رَضِّنِي - أَو أَرضِنِي - بِه". (١)
هذه هي الاستخارة المشروعة لمن أَراد أَن يوفقه الله لعمل الخير، وخير العمل.
(ذَلِكُمْ فِسْقٌ):
المشار إِليه، هو: كل ما ذكر من المحرمات السابقة؛ لأَن ارتكاب شيءٍ منها خروج عن طاعة الله تعالى، وعن دينه وشرعه. ولذلك كانت فسقًا. (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ):
المراد باليوم: يوم نزول هذه الآية، وهو عشية عرفة: عام حجة الوداع كما رواه الشيخان عن عمر رضي الله عنه.
وقد أَخبر سبحانه وتعالى، عباده المؤمنين، بأَن الكفار قد انقطع رجاؤهم من زوال دين الإِسلام. أو النَّيل منه ومن أَتباعه. فقد بدّل الله المؤمنين من ضَعْفِهِمْ قوةً، ومن خوفهم أَمْنًا، ومن فقرهم غنًى. فوجب عليهم أَلَّا يخشَوْا إِلا الله، وأَلَّا يرهبوا أَحدًا سواه.