وفي قوله:
﴿الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾: تنبيه إلى القدرة التامة، والنعمة الشاملة، حثاً على التقوى، وخوفا من العقاب، وشكراً للنعمة؛ وطلباً للثواب.
﴿مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾: هي نفس آدم - عليه السلام - وليس هناك سوى آدم واحد، وهذا ما عليه جمهور المحدثين والفقهاء.
﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾: أي وخلق من هذه النفس الواحدة زوجها: حواء.
﴿وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾: أي ونشر وفرق من آدم وزوجه رجالا كثيراً ونساءً كثيرات، بطريق التوالد والتناسل.
﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾: أعاد الأمر بالتقوى؛ لعظم شأنها وجليل خطرها، في المأمورين في هذه السورة.
﴿الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ﴾: أي الذي يسأل بعضكم بعضا بالله، فيقول أحدكم لصاحبه: أسأَلك بالله، أن تفعل كذا. على سبيل الاستعطاف.
﴿وَالْأَرْحَامَ﴾: أي واتقوا قطيعة الأرحام. وقرأ حمزَةُ ﴿وَالْأَرْحَامِ﴾ بالجر عطفا على الضمير في (بِهِ) أي واتقُوا الله الذي تساءَلون به وبالأرحامِ، فقد كان أجدهم يقول لصاحبه: أسألك باللهِ وبالرحم: أن تفعل أو لا تفعل.
﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾: أي احْذروا مخالفته بالتمسك بتقواه، لأنه رقيب عليكم وحفيظ لأعمالكم، فلا تخفى عليه خافية منكم.
فالجملة تحذير للناس وتخويف لهم، من بأس الله الذي أُمروا بتقواه، ببيان أنه تعالى رقيب عليهم، قد أحصى عليهم أَعمالهم، وسيحاسبهم عليها.
والمراد من أنه كان عليهم رقيبا: أن رقابته عليهم موجودة منذ نشأتهم، كما أنها باقية إلى فنائهم. فلم يفلت منها أحد. ولن يغيب عنها إنسان، إلى أن تقوم الساعة.