أخبرت أن للذكر وأنثى نصيبًا. ثم نزلت بعد ذلك الآيات في تفصيل الميراث. فدعا رسول الله ﷺ بالميراث، فأعطى المرأة الثمن، وقسم الباقي بين الأولاد، للذكر مثل حظ الأنثيين. ولم يعط ابني العم شيئًا.
وفي بعض طرق الحديث: أن الورثة كانوا زوجة وابنتين وابني العم، وأعطى رسول الله ﷺ ابني العم ما بقي بعد نصيب الزوجة والبنتين.
ومن هذا يتبين: كيف أنصف الإِسلام المرأة، وحفظها من الضياع.
﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ﴾:
والمقصود من الرجال والنساء: الذكور والإناث، وإن كانوا صغارا. أي للذكور نصيب مما تركه آباؤهم وأمهاتهم وأقاربهم، كالإِخوة والأخوات، والأعمام والعمات. وللإناث نصيب مما ترك آباؤُهن وأمهاتهن وأقاربهن.
وبهذا، بطل ما كان عليه أهل الجاهلية، من توريث البالغين من الرجال فقط، حيث جعل للجميع حظًا ونصيبا في الإرث. وكان يكفى أن يقال: لكل واحد نصيب مما ترك. الوالدان والأقربون. ولكنه تعالى، شاء أن يفصل فيجعل للرجال نصيبا وللنساء نصيبا مما تركه الوالدان والأقربون، إيذانا بأصالة النساء في استحقاق الميراث، ومنعًا من صرف هذا المجمل إلى الرجال وحدهم، على ما كانت عليه عادة الجاهلية، ومبالغةً. في إبطال هذه العادة الظالمة.
﴿مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ﴾
أي لكل من الصنفين - الرجال والنساء - نصيب من المتروك. سواء أكان المتروك قليلًا أم كثيرا، عظيم القيمة أو حقيرها، عقارًا ثابتا أو منقولا. فلا يحق لبعض الورثة أن يستأثر ببعض الميراث دون الآخرين، كالسلاح والخيل، وغير ذلك. كما كان شائعًا في الجاهلية.
وتقديم القليل على الكثير - في الآية - للتنبيه على وجوب دخوله في الميراث ببن المستحقين، لأنه مظنَّة التهاون فيه.