ومن مسائل ميراث الأبوين: ما إذا كانا موجودين مع أحد الزوجين. فإذا ماتت امرأة عن زوجها وأبيها وأمها، فلو أَعطينا الزوج النصف كما سيأتي، وأعطينا ألام الثلث لعدم وجود ولد ولا عدد من الأخوة، لكان الباقي للأب هو السدس. فيكون نصيب الأم - وهي أنثى - ضعف نصيب الأب وهو رجل. وهذا لم يعهد في الميراث.. وقعت هذه المسألة في عهد الصحابة: فقضى فيها عمر، وزيد بن ثابت، وابن مسعود، وجمهور من الصحابة: بأن نصيب الأم ثلث الباقي بعد فرض الزوج، وللأب ثلثا الباقي.
وخالف ابن عباس في ذلك. وقال: للأُم ثلث المال، وتناظر زيد بن ثابت فيها مع ابن عباس. فقال ابن عباس لزيد: لا أجد في كتاب الله أن للأم ثلث الباقي. فقال زيد ليس في كتاب الله إعطاؤُها الثلث مع وجود الزوج. وكأن زيدًا يريد أَن يقول: أن الله تعالى، أعطاها الثلث - إن كان الميراث منحصرًا في الأَبوين، وإلا كان قول الله - تعالى: ﴿وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ﴾ عدم الفائدة.
ومثل المسألة المتقدمة: ما إذا كان الميت الزوج، وترك زوجة وأبًا وأمًّا. فللزوجة الربع وللأم ثلث الباقي، وللأب ثلثاه.
وتعرف هاتان المسألتان في الميراث، بالعُمَرِيتين؛ لقضاءِ عمر فيهما بذلك. وقد وافقه جمهور الصحابة على ذلك.
﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾:
أي تقسيم الميراث على النحو المتقدم: للأَولاد والأبوين، لا يكون إلا بعد أداءِ وصية قد أوصى بها قبل موته أَو بعد سداد دين كان عليه قبل موته.
فلا يأخذ أي وارث شيئًا من الميراث، إلا بعد سداد الديون، وتنفيذ الوصايا؛ لأنهما حق لغير الورثة. فلا يورث.