والمعنى:
﴿وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ﴾: أي والنساء اللاتي يفعلن ويرتكبن فاحشة الزنى القبيحة - حال كونهم من إناثكم أيها المسلمون، سواء أكن ثيبات أم أبكارا.
﴿فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ﴾: أي فاطلبوا ممن قذفهن أي يُشهِدَ على زناهم - عند عدم إقرارهن به - أربعة رجال عدول منكم أيها المؤمنون. فلا تصح شهادة النساء، ولا تقبل شهادة غير المسلمين، ولا غير العدول.
ولخطورة الادعاء بالزنى. اختص - وحده - بشهادة هذا العدد: تغليظًا على المدعي وسترًا على العباد، وصيانة للأنساب.
﴿فَإِنْ شَهِدُوا﴾: أي فإن أدى الأربعة الشهادة عليهن، برؤيتهم للجريمة رؤية واضحة محققة، أثناء التلبث الكامل بها.
﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ﴾: أي فاحبسوهن في البيوت؛ عقوبة لهن طول خيانتهن.
﴿حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ﴾: أي حتى ينهي الموت حياتهن، بقبض أرواحهن.
﴿أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا﴾: أو إلى أن يجعل الله لهن طريقًا آخر لعقوبتهن على اقتراف جريمة الزنا.
وهكذا شأن الله تعالى، في علاج الجرائم الاجتماعية؛ المنتشرة بين الطبقات، الجارية منهم مجرى الغرائز: لا يعالجها بالحسم من أول الأمر، ولكنه يتدرج في علاجها، فيبدأ بالأخف، وينتهي بالأشد، حتى لا يكون الحسم - من أول الأمر - صعبًا على النفوس. وقد حدث مثل ذلك في عقوبة الخمر وسواها. فسبحانك أنت الحكيم العليم.
١٦ - ﴿وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾:
المعنى: والرجل والمرأة اللذان يرتكبان فاحشة الزنى القبيحة منكم - أيها المسلمون - ﴿فَآذُوهُمَا﴾: بالتقريع والتوبيخ، وبيان أن ما ارتكباه جريمة في حق المجتمع وحق أنفسهما، وأنهما تعديا حدود الله بما اقترفاه.