كان أحدهم إِذا أراد التزوج بامرأة، رمى الزوجة التي عنده بفاحشة ظلمًا، كي يلجئها إلى الافتداء منه بصداقها أو ببعضه، فَنُهوا عن ذلك (١).
٢١ - ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إلى بَعْضٍ... ﴾ الآية.
هذا إنكار على الأخذ من صداق الزوجة، بعد إنكار في الآية قبلها، وتنفير منه إثر تنفير. وتعجيب من حال هذا الذي يظلم زوجته بغير حق!
والمعنى: بأي وجه، ولأي سبب تفعلون هذا، وتتناسون أنه - جرى بينكم وبينهن ما يؤَكد حقهن فيما أخذنه صداقًا! فقد بذلت المرأة نفسها لزوجها، وجعلت ذاتها موضع تمتعه، وحصلت الألفة التامة، والمودة الكاملة بينهما. فكيف يليق بالعاقل أن يسترد منها شيئًا بذله لها بطيب نفس! إن هذا لا يليق بمن له طبع سليم، وذوق مستقيم.
﴿وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾: يوم تزوجتموهن على ما أخذه الله للنساء على الرجال، من إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان. قال تعالى: ﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ (٢). ومن ألجأ زوجته إلى الافتداء بصداقها، لم يكن تسريحه لها بإحسان، بل بالإساءة.
وقد أكدت السنة ما جاءت به الآية.
قال ﷺ في حجة الوداع: "وَاستَوصُوا بِالنِّسَاء خَيْرًا، فَإنَّكُمْ أخَذْتُمُوهُنَّ بِأمَانَةِ الله وَاستَحْلَلتُمْ فرُوجَهُن بِكَلِمَةِ الله (٣) ".

(١) رواه الطبراني عن ابن عباس.
(٢) البقرة. من الآية ٢٢٩.
(٣) رواه الترمذي وقال حسن صحيح.


الصفحة التالية
Icon