التفسير
٢٢ - ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ... ﴾ الآية.
بعد أن بينت الآية السابقة ما يحل للزوج أَخذه من الصداق وما يحرم، جاءت هذه الآية - والآيتان بعدها - لبيان من يحرم نكاحهن من النساء ومن يحل.
سبب النزول:
قال الآلوسي: أخرج ابن سعد، عن محمَّد بن كعب، قال:
كان الرجل إذا تُوُفي عن امرأته. كان ابنه أحق بها أن ينكحها - إن شاء - إن لم تكن أمه - أو ينكحها من شاء. فلما مات أبو قيس بن الأسلت، قام ابنه حصْن، فورث نكاح امرأته، ولم ينفق عليها، ولم يورثها من المال شيئًا. فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له. فقال: ارجعي، لعل الله ينزل فيك شيئًا، فنزلت ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ... ﴾ الآية.
ونزلت ﴿... لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا... ﴾ الآية.
وقال الآلوسي أيضًا: وذكر الواحدي، وغيره، أَنها نزلت في حِصن المذكور. وفي الأسود بن خلف: زوج امرأة أبيه، وفي صفوان بن أمية بن خلف. تزوج امرأة أبيه: فاختة بنت الأسود، وفي منظور بن ريان: تزوج امرأة أَبيه؛ مليكة بنت خارجة.
وقال القرطبي: كان في العرب قبائل، قد اعتادت أن يخلف ابن الرجل على امرأة أَبيه. وكانت هذه السيرة في الأنصار لازمة. وكانت في قريش مباحة مع التراضي.. الخ.
ولشيوع هذا المنكر بينهم، أفرد الله تحريمه بآية خاصة، لم يدرجه ضمن المحرمات في الآيتين التاليتين؛ اهتمامًا بشأن تحريمه، ومبالغة في الزجر عنه، والتنفير منه؛ لشدة قبحه.
المعنى: ولا تتزوجوا مَن تزوجهن آباؤُكم من النساءِ بعد فراقهم لهن بموت أو طلاق؛ لشدة قبحه. لكن ما قد مضى وسبق من هذا الزواج - قبل نزول تحريمه في هذه الآية - فإنه معفو عنه. ويجب التفريق بين الزوجين فيما كان قائما من هذا الزواج، عند نزول هذه الآية. ويثبت النسب به، وعليكم أن تمتنعوا عن وطئهن، فإنهن أصبحن محرماتٍ عليكم.


الصفحة التالية
Icon