وقد أجمع العلماءُ على ذلك. كما أَجمعوا على تحريم زوجة الأب على أبنائه وحفدته، وإِن لم يدخل بها. وسميت الزوجة حليلة؛ لحلها للزوج.
وقوله: ﴿الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾: لإخراج زوجات الأبناء بالتبني. فيجوز التزوج بهن بعد طلاقهن.
أما حرمة زوجات الأبناء من الرضاع، فثابتة بحديث: "يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النسَبِ (١) ".
﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾: أي وَحُرِّمَ على الرجل أَن يجمع بين أختين في النكاح. فلا يتزوج الرجل امرأة، ثم يضم إليها أختها بطريق الزواج.
وهذا بإجماع العلماء.
واختلف في الجمع بينهما في الوطءِ بملك اليمين. فجمهور العلماء يحرمه، قياسًا على النكاح.
وأهل الظاهر يجيزونه، كما جاز الجمع بينهما في الملك. عملا بقوله تعالى: في الآية التالية ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ ولم يلتفت أهل الفتوى لهذا الرأي. وقالوا بحرمة ذلك، لأن سبب التحريم وهو البغضاءُ والنفور. والتقاطع بسبب الغير، حاصل في الوطء بملك اليمين - كالنكاح.
﴿إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾: أي لكن ما قد مضى قبل النهي، لا تؤاخذون به. ويجب التفريق بينهما، إن وُجِدَ مثل ذلك، حين نزول الآية.
وكما يحرم الجمع بين الأختين، يحرم الجمع بين المرأَة وعمتها. أو خالتها. وكذلك يحرم الجمع بين أكثر من أربع حرائر.
﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾:
أي إن الله كان - ولا يزال - عظيم الغفران لذنوب مَنْ تاب إلى الله وأَناب، واسع الرحمة، فلا يؤَاخذ إلا بعد النهي والإرشاد.

(١) رواه الشيخان وأحمد وغيرهم.


الصفحة التالية
Icon