ويستثنى من ذلك الحكم، ما ملكت أيمانكم بسبب السبي الواقع لزوجات الكفار المحاربين. فَهُنَّ حلال لكم مطلقًا - بعد استبرائهن والتأَكد من عدم حملهن من أزواجهن الكافرين - لأَنه لا حرمة لهذا الزواج. وبهذا حل وطؤهن.
ويرى بعض الفقهاء: أنه لا يحل وطؤُها إذا سبيت مع زوجها.
ثم أكد الله تحريم من حرم من النساءِ في هاتين الآيتين، بقوله:
﴿كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾:
أي كَتَبَ الله عليكم كتابًا وفرضه فرضا. وهو تحريم جميع من ذكر من أصناف النساء، لتلتزموا به وتتبعوا تعاليمه.
﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ﴾:
والمعنى: إن الله أحل لكم نكاح من عدا المذكورات ومن في حكمهن، مما فهم من الآيتين استنباطًا، ووضحته السنة، لأجل أن تبتغوا بأموالكم المحللات من ترغبون فيهن، حالة كونكم تريدون - بذلك - تحصين أنفسكن من الوقوع في السفاح، الذي لا يراد منه سوى قضاء الشهوة المحرمة، التي لا تليق بالإنسان الذي كرمه الله، وخلقه في أحسن تقويم.
﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً﴾:
معناه: فمن استمتعتم به ممن أحل الله لكم - عن طريق النكاح الصحيح - فآتوهن مهورهن التي اتفقتم عليها. أو ما يعادل مهر المثل إِذا لم يكن هناك اتفاق بخصوصه. وذلك حق مفروض عليكم لهن. لا بد من أَدائه إِذا تمسك كلٌّ بحقه.
﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ﴾:
بأن قبل أَحد الطرفين أن يكون كريما مع صاحبه. فزاد الزوج مثلًا على قيمة المهر الواجب، أو تنازلت الزوجة عن بعض حقها أَو كله.. فلا حرج في ذلك: لا حرج عليكم في الزيادة، ولا حرج عليهن في الحط. قال تعالى: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ (١).