التفسير
٢٦ - ﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾:
يريد الله تعالى - بذكر ما سبق في هذه السورة من الأحكام والتشريعات - أَن يبين لكم ما فيه إرشادكم، ويهديكم إلى نهج مَنِ اصطفاهم من عباده من الأنبياء، في أصول ما شرعه الله لهم. فاتبعوهم واقتفوا أثرهم، وانسجوا على منوالهم: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ (١). ويريد كذلك فيما أَباحه لكم:

أن يرشدكم إلى ما يكفكم عن المعاصي ويحملكم على التوبة منها. والله عليم بما خَلَقَ ومن خَلق فيشرع لكم ما فيه صلاحكم في دينكم ودنياكم. والله حكيم في كل ما يأْمر به، وما يبيح فعله، وما ينهى عن ارتكابه.
٢٧ - ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا﴾:
المعنى: والله سبحانه، يريد أن يتوب عليكم، فيفتح لكم باب التوبة لتُقْبلوا عليها، فيتجاوز عن سيئاتكم. بل إنه يفرح بتوبتكم أشد من فرحكم بقبولها، لأنه أرحم بكم من أنفسكم. فشأنه الرحمة دائما. فاطرقوا بابه، والزموا رحابه. فإنما يريد المبطلون الذين يتبعون شهواتهم، ويصيرون وراءَ ضلالاتهم: أن تعدلوا عن الاستقامة، وتنحرفوا إلى الضلالة انحرافا عظيما. حتى تكونوا مثلهم. وهذا شأن المنحرفين دائما: يريدون أَن يكون الناس على طريقتهم، حتى يسلموا من ذمهم ولومهم. كما في قوله تعالى: ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ (٢) وقوله تعالى: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً﴾ (٣).
(١) الأنعام. من الآية: ٩٠.
(٢) القلم. الآية: ٩.
(٣) النساء. من الآية: ٨٩.


الصفحة التالية
Icon