وقد عبر القرآن عن النوع الأول بقوله تعالى:
﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾:
فوصفهن بالصالحات، لأنهن يمتثلن أَمر الله، فيطعن أَزواجهن، ويقمن بواجباتهن، ويحفظن على الأزواج أموالهم وأعراضهم في جميع الحالات، ويقوم بهن المجتمع الإسلامي الأمثل، تحقيقًا لشرع المدبر الأعلى.
أما النوع الثاني، فالحديث عنه في قوله تعالى:
﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ﴾:
فقد بين الله الطريقة المثلى في إرجاعهن إلى الصواب، حتى تؤَدي الأسرة رسالتها المنوطة بها، وكان الله رحيمًا بها. على الرغم من تمردها.
وجعل - سبحانه وتعالى - علاج الشقاق بين الزوجين على مرحلتين:
الأولى: يتولاها الزوج. فيقوم أوَّلًا بوعظها. فإن لم يفد، انتقل إِلى هجرها في المضاجع عَلَّها تثوب إلى رشدها، فإن لم يجْدِ ذلك، انتقل إلى ضربًا غير مبرح مع اتقاء الوجه، والمواضع التي يظهر فيها أثر الضرب غير المبرح: علاجًا لمرض النشوز، والتماسا للطاعة وحياة الاستقرار والهدوء.
﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا﴾:
أي: إِن شفين مما عرض بهن ورجعن لكم مطيعات - فلا تظلموهن بأي طريق من طرق الظلم. وعَاشروهن بالمعروف.
وعلى الذين يهاجمون القرآن وتشريعه في جعل الضرب وسيلة تأديب الناشز، أن يلاحظوا:
أولًا: أن القرآن جعل هذا التأديب المادي، آخر وسيلة يلجأ إليها الزوج، بعد أَن يفشل الوعظ، ويفشل التأديب العاطفي بالهجر في المضجع ولم يبق إلا آخر الدواء وهو الضرب غير المبرح.
ثانيا: أن الضرب المباح للزوج، أَوضحه الرسول الكريم بقوله: "غيرَ مُبَرِّحٍ" (١)، فليس المقصود منه الإِيذاء، بل هو لإِيقاظ صوابها وضميرها، بتخويفها هذا، حتى لا يهدم البيت من أساسه.

(١) من خطبة للرسول ﷺ في حجة الوداع. رواها ابن ماجه والترمذي.


الصفحة التالية
Icon