وروى الترمذي، وأبو داود، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "أدِّ الْأمَانَةَ إلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ".
ولما أمر الله سبحانه جميع المكلفين بأداء الأَمانات إلى أهلها، أمرهم كذلك. بالحكم بالعدل بين الناس فقال:
﴿وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾: أي يأْمركم الله - تعالى - إذا حكمتم بين الناس مطلقًا - مؤْمنين وغير مؤْمنين - ﴿أَنْ تَحْكُمُوا﴾: بينهم ﴿بِالْعَدْلِ﴾: دون إجحاف، أو ميل إلى أحد المتخاصمين لقرابة أو دين.
قال تعالى: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا﴾ (١).
والحكم بين الناس بالعدل. أمر قد انعقد عليه الإِجماع، وتكرر ذكره في القرآن الكريم قال تعالى: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ (٢). وقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾ (٣).
والسنة النبوية، حافلة بالحث على العدل والتنفير من الظلم.
وقد ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: لأَبي موسى الأشعري، حين ولاه القضاءَ: "آسِ بَيْنَ النَّاسِ فِي وَجْهِكَ وَعَدْلِكَ، حَتَّى لَا يَطْمَعَ شَرِيفٌ في جَوْرِكَ، وَلَا يَيْأسَ ضَعِيفٌ مِنْ عَدلِكَ" (٤).
ثم أَكد سبحانه، وجوب هذه الأَوامر فقال:
﴿إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ﴾:
أي نعم الشيء الذي يعظكم به الله: وهر تأدية الأَمانة، والحكم بين الناس بالعدل، لأنهما من الأمور المحمودة.
﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾:
أي سميعا لما يقال، وما يجِري من الأَحكام بين الناس ﴿بَصِيرًا﴾: بما يحدث.. ومنه أداء الأَمانات إلى أَهلها، فهو عليم بكل شيء: مسموعا كان أَو مبصرا: محيط بكل شيء مجاز كلا بما يعمل من خير أَو شر.

(١) المائدة، من الآية: ٨.
(٢) الأنعام، من الآية: ١٥٢.
(٣) النحل، من الآية: ٩٠.
(٤) كتاب الخراج: ١٤٠، وصبح الأعشى ١/ ١٩٣.


الصفحة التالية
Icon