عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: "كُنْتُ خَلْفَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمًا فَقَالَ: يَا غُلَامُ، إنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ. احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ. وَإذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ. وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَىْءٍ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَىْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ تَعَالَى لَكَ. وَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَىْءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَىْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ. رُفِعَتِ الأَقْلَامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ" (١).
ومن دعاءِ الرسول - ﷺ -: "اللَّهُمَّ لَا مَانِع لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِىَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدّ" (٢).
وبعد أَن أَثبت الله لنفسه كمال القدرة، أثبت كمال السلطان والتسخير لجميع عباده، والاستعلاءِ عليهم، مع كمال الحكمة والعلم المحيط بخفايا الأُمور، ليرشدنا إِلى أَن مَن اتخذ غيرَه وليًّا من دونه، فقد ضلَّ ضلالا بعيدا. فقال:
١٨ - ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾:
أَي وهو الغالب لعباده، المقتدر عليهم: يَملكهم ولا يَملكونه. ويَقضى عليهم ولا يَقضون عليه. ويُعطى ويَمنع، ويُعِز ويُذِلُّ. وهو الحكيم في تدبير مراده وتنفيذه، الخبير بمواضع نعمه ونقمه. فلا تخفى عليه خوافى الأُمور ولا بواديها، ولا يقع في تدبيره خلل، ولا في حكمته دخَل (٣).
ولما كان المشركون لا يستجيبون إِلى الحق الذي دعاهم إليه رسولُ اللهِ - ﷺ -، ولا يشهدون بصحة نُبُوتَّه، أَنزل الله عليه الآية التالية:

(١) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
(٢) أي ولا ينفع صاحب الغنى منك غناه.
(٣) الدَّخَل: الفساد.


الصفحة التالية
Icon