﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾:
أي بلغ عنادهم إلى وقت مجيئهم إليك مجادلين منكرين الحق. حيث يقولون: ما هذا الذي جئتنا به، إلا أباطيل السابقين وخرافاتهم: نقلتها ألينا من كتبهم.
فلم يكن مجيئهم للنبي - ﷺ -، طلبًا للحق، أو تعرفًا على خير، بل للمحاكة والمجادلة، لأنهم لم يتقبلوا ما في القرآن من أنباء الغيب، إلا على أنها حكايات وخرافات، تُسَطَّرُ وتُكْتَبُ. كغيرها.
وذكر نعتهم بالذين كفروا، وأظهر الفاعل ولم يضمره في ﴿يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ تقريرٌ لكفرهم، لإيغالهم وغلوهم في اللدد واللجاج.
٢٦ - ﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ... ﴾ الآية.
أي وأولئك المشركون الكافرون المعاندون للنبي، الجاحدون لنبوته، لم يكتفوا بتكذيبهم وإعراضهم عن الدين الذي جاء به، وإنما تجاوزا ذلك إلى صد غيرهم، والوقوف في وجه من يطلبون الهدى منه. هم يبالغون في مقاطعته والنأي عنه: مستكبرين عن الإيمان به.
﴿وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾:
أي وما يهلكون أحدًا بهذا التصرف الأحمق، والجحود المطلق - إلا أنفسهم، حيث أوردوها موارد الدمار والبوار. وما يشعر هؤلاء الجانون على أنفسهم تلك الجناية - أنهم إلى هذا المصير سائرون، لما استولى عليهم من غفلة، وما غشيهم من ضلال.
﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٧) بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (٢٨) وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٢٩)﴾.