أَي ويقول هؤلاءِ المشركون - وقد تَدَلَّوْا على النار - ليتنا نردُّ إلى الدنيا، حتى نتوب ونعمل صالحا، ولا نكذِّبَ بآيات الله وحججه، التي نَصَبها دلالة على وحدانيته وصدقِ رسله بل نكون من المصديقين به وبرسله، ومن المتبعين لأَمره ونهيه.
وفي تَمَنِّيهم الرد، دليل على أَنهم يلجأُون حتى إلى المستحيل، وهو عودتهم إلى الدنيا، لشدة الضيق والحرج الذي هم فيه.
٢٨ - ﴿بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ... ﴾ الآية.
إبطالٌ لأَمانيّهم وَتيئيس لهم منها؛ لأنها أَمان ناشئة عن الفزع والهلع، من هذا الموقف الذي هم فيه، حين ظهر لهم ما كانوا يُخفون من البعث والجزاءِ، حيث كانوا ينكرون ذلك.
﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ﴾:
من الشرك والكفر، والمكر والمعاصي، لسوءِ ما فطروا عليه من سوءِ طويه، وخبث نية، ودعوى جاهلية.
﴿وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾:
فيما تضمنه تمنيهم من الوعد بترك التكذيب بآيات الله، والإيمان بالله ورسله؛ لأنهم لم يكونوا صادقين في ادعائهم الإيمان بعد رجوعهم إلى الدنيا، وإنما دفعهم إلى هذا، ما شاهدوه من الأَهوال والشدائد، والبعد عنها بأَية وسيلة.
ومعنى هذا أَن الكفر فيهم غريزة.
٢٩ - ﴿وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ﴾:
أي لو رُدُّوا إِلى الدنيا، لعادوا لِمَا نُهُوا عنه من الكفر وسَىِّءِ الأَعمال، ولأَنكروا البعث والحساب والجزاءَ مره أُخرى. وكأَنهم لم يَرَوْا ما عاينوه من أَحوال الآخرة، التي أَولها البعث والنشور.