التفسير
٣٧ - ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ... ﴾ الآية.
لا يزال الكلام موصولا في شأن تكذيب المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم، وعدم استجابتهم إِلى ما دعاهم إِليه.
تحكى هذه الفقرة: أنهم طلبوا منه أَن يأتيهم بآية يُنَزِّلها الله ويظهرها، على حسب هواهم، فقالوا - على أَلسنة رؤسائِهم - هَلَّا أُنزل عليه آية من ربه، تلجئنا إلى الإِيمان برسالته؟ ويعنون بها ما حكته سورة الإِسراءِ: ﴿وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (٩٢) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (٩٣) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا﴾ (١).
والمتأَمل في تلك المطالب وأمثالها، يحسُّ أن الباعث عليها هو التعنت والعناد، لا الاهتداء إلى الحق.
فلو كانوا طلاب حق، لكفاهم ما أَيده الله به من معجِزة القرآن "... ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ " (٢).
وكما أَيده الله بالقرآن، أيده بكثير من المعجزات الكونية:
كانشقاقِ القمر، وحَنِين الجذع، وإنزالِ المطر، ورَفْعِه، وتكثير الماء والطعام. إلى غير ذلك، مما روَته السنَّةُ الصحيحة.
وقد بين الله للرسول صلى الله عليه وسلم، ما يجيب به المشركين بقوله:
﴿قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾:
قل يأَيها الرسول لقومك: إن الله قادر على تحقيق الآية التي طلبتموها ولكن أكثرهم ليس من أَهل العلم والعقل، فلذا غفلوا عن الحكمة في عدم تحقيق ما سألوا، وهي أَنه تعالى لم يشأ إهلاكهم، فإنه إِن حققها فكفروا - بعدها - أُهْلِكوا جميعًا كما حدث للأمم قبلهم...

(١) الإسراء، الآيات: ٩٠ - ٩٣
(٢) النساء، من الآية: ٨٢


الصفحة التالية
Icon