﴿وَتَنْسَوْنَ﴾: وتتركون.
التفسير
٤٠ - ﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾:
لا يزال الكلام عن المشركين موصولا.
والمعنى: قل أَيها الرسول لهؤُلاء المشركين، تبكيتا لهم على عبادتهم غَيْرَ الله تعالى، وإِلزاما لهم بما لا يستطيعون إِنكارَه: أخبروني، إِن أتاكم عذابُ الله في الدنيا، أَو أَتتكم القيامة بأهوالها في الآخرة، وانتقم الله منكم فيها: أغيرَ الله تدعون لكشف الضر عنكم - إِن كنتم صادقين في زعمكم أَن أَصنامكم آلهة، أو إِن كنتم من أَهل الصدق؟!
ولما كانت عادتهُم أَنهم إِذا وقعوا في شدة تركوا دعاءَ أَصنامهم واتجهوا إِلى الله تعالى، يدعونه ليكشفها عنهم، لاعتقادهم أنهم إن دعوها لا تجيبهم. وإِن دعوه سبحانه أجابهم، وفرَّجها عنهم.
فلهذا تولى الله الإِجابة عنهم بما لا يستطيعون إِنكاره، فقال:
٤١ - ﴿بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ﴾:
أَي: ليس غيرُ الله تدعون. بل تخصونه - وحده - بالدعاء، فيزيلُ ما تدعونه إلى إِزالته، وتتركون شركاءَكم تركا كليًا، كما روى عن ابن عباس.
وقيل: النسيان على حقيقته، فَهُمْ - لشدة الهول وعظيم الخطر - لا تخطر آلهتهم ببالهم.
وتأخير نسيانهم لآلهتهم عن كشف الضُّر - مع أنه سابق عليه - لإِظهار كمال العناية بكشف الضر، والإِيذان بترتيبه على دعاءِ الله خاصة.
فإِن قيل: إِن العذاب الدنيوي المماثل لعذاب الأمم السابقة وقوارع الساعة، لا يكشفان بالدعاءِ.
فالجواب: أَن كشف ذلك معلق بالمشيئة؛ كما نَصَّ عليه قوله تعالى:
﴿فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ﴾:


الصفحة التالية
Icon