﴿وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ﴾:
أَي: أَقدرناهم على الفصل بين الناس على ما يقتضيه الحق. وأَعطيناهم النبوة والرسالة.
﴿فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ﴾:
الإِشارة في: ﴿هَؤُلَاءِ﴾ لأَهل مكة وسائر مَنْ كفر بعد تبليغه.
أَي: فإِن يكفر - بهذه الأُمور المذكورة - هؤلاءِ الكفار وغيرهم، فإِنَّنَا قد أَعددنا ووفَّقنا - للإِيمان بها، والقيام بحقوتها - قومًا لم يكفروا بها في وقت من الأَوقات، بل استمروا على الإِيمان بها.
٩٠ - ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ...﴾ الآية.
جملة ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ... ﴾ صفة لما قبلهَا: ﴿... قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ﴾.
والمعنى: هم أولئك الأَنبياءُ الذين وفقهم الله تعالى، إِلى منهج الحق، والخير، فاقْتَدِ بهم يا محمد، وسِرْ على طريقتهم: من التوحيد وأصول الدين؛ لأَن دعوة الأَنبياء في أُصولها واحدة.
وبعد أَن أَمره بالسير على طريقة الأَنبياءِ السابقين، أَمره بأَن يقول لأُمته: إِنه لا يثقلهم بطلب الأجر على دعوته إياهم إلى طريق الخير في قوله:
﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾:
أي: قل يا محمد، لأُمتك: لا أَطلب. منكم أَجرا على تبليغكم الدعوة، وإرشادكم إلى ما أمر الله به.
﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ﴾:
أَي: ما القرآن، إلا عظةٌ وإرشاد للثَّقَلينِ: الإِنس والجن. فتبليغهم إياه - بدون سؤاله إِياهم أجرا - حَقٌّ لهم...