على أي وجه مما تقدم.. وتلك مِنَّةٌ توجب أَن يشكرها العبد لربِّه، بامتثال أَمره واجتناب نهيه. ومن سلبه الله هذه النعمة فهو من الهالكين.
﴿قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾:
يخاطب الله الشركين - وأَمثالهم من الجاحدين لِنِعَمِه - بهذه الجملة، ناعيا عليهم سوءَ معاملتهم، حيث شكروه عليها شكرا قليلًا، هو بالنسبة إليها بمنزلة العدم فإن الشكر عليها، لا يكون إِلا بدوام توحيده - سبحانه - بالعبادة، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه. فإذا كان شكرهم - إِن وقع - فهو دون ذلك - كما هو دأْبهم - فلا كفاءَ فيه. وجدير أَن يكون بمنزلة العدم.
وخلاصة معنى الآية:
ولقد جعل الله لكم - في الأرض - مكانا تستقرون فيه، وأَبدع - لمصالحكم ومنافعكم - أسبابا تعيشون بها، فكان شكركم لها في غاية القلَّة، فاحذروا عقاب التقصير في شكره. ويجوز أن يكون القصود من قلَّة شكرهم لله انعدامه وانتفاؤه، لأنهم كانوا يتجهون بشكرهم إلى أَوثانهم، فهم ينسبون إِليها النفع والضرّ. وإِن كانوا يؤمنون بأن الله خالقهم.
﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (١١) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (١٢) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (١٣) قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (١٥)﴾.