ولعله - على هذا الرأى - مأمور بالسجود لآدم بأمرٍ آخر، غير أَمر الملائكة...
وإِلَّا لما صح اعتباره مذنبًا حين ترك السجود لآدم، لو كان الأمر بالسجود خاصًّا بالملائكة، فإنه ليس منهم...
وكأَن أَصل الكلام: وإِذ قلنا للملائكة ولإبليس: اسجدوا لآدم، فسجدوا إِلاَّ إبليس.. فاختصرت العبارة إِلى ما في النص الكريم لوضوح المراد.
والرأى الأَول أوضح وأَقلُّ تكلفا.
﴿لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ﴾: تصريح بما فهم من الاستثناءِ السابق، لتأْكيده؛ ولمزيد التشهير بإبليس والتوبيخ له على جريمة عصيانه ربه، سبحانه وتعالى.
وخلاصة معنى الآية: ولقد خلقنا أباكم آدم طينا غير مصور، ثم صّورناه، فانتقل إِليكم خلقه وتصويره، ثم قلنا للملائكة اسجدوا لله لأَجل خَلْقِهِ آدمَ على هذه الصورة الجليلة.. أَو اخضعوا لآدم وعظِّموه، اعترافا بفضله، فسجدوا عقب أَمرنا لهم، إلاَّ إبليس لم يكن من الساجدين.
١٢ - ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ... ﴾ الآية.
قال الراغب: المنع في الآية الكريمة، بمعنى الحماية.
والمعنى - على هذا - ما حماك من عدم السجود.
وقال السكاكى: المنع هنا. مجاز عن الحمل.
والمعنى ما حملك على أن لا تسجد..
وكلا المعنيين يدور على أَنه من المنَعَةِ وهي العزَّة، فكأَنه تعالى قال له: أَي شيءٍ جعلك عزيزا وحملك على ترك السجود لآدم؟!.
وقيل: إِن (لا) صلة لتوكيد المنع. وكأَنه قيل: ما منعك من أن تسجد.
ومعنى الآية: - على هذا - قال الله لإبليس - لعنه الله - أَي شيءٍ منعك من أَن تسجد لآدم حين أَمرتك؟!.


الصفحة التالية
Icon