ورُدَّ هذا الاستدلال، بأَن آدم إِنما طلب الغفران والرحمة مع صغير زلته استعظاما لها في حقِّ الله تعالى - كما هي عادة الصالحين - وإن كانت مكفرة باجتناب الكبائر وإن لم يتب عنها.
وإلى هذا ذهب أَهل السنة والمعتزلة.
وحمل الإِمام الرازى زَلَّة آدم الصغيرة على أنها وقعت قبل نبوته إِذ لا تجوز الصغائر والكبائر بعدها على الأنبياءِ.
وكثير من أهل السنة، جعلوا طلبه الغفران لما وقع منه، من باب هضم النفس فإن ما وقع منه عن نسيان، فلا صغيرة فيه ولا كبيرة.
وقد يقال لهم: إن كانت زلتهُ عن نسيان، فكيف يعاتبه الله عليها؟ وكيف يعاقبه بكشف العورة والإهباط من الجنة ولا عتاب ولا عقاب على النسيان، لأنه قهرى لا كسبى؟
فالظاهر: أَن النسيان في قوله تعالى: ﴿فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾ (١) بمعنى الإِهمال وترك العزم في تنفيذ ما كلفه الله به.
٢٤ - ﴿قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾:
اختار الفراءُ: أَن الخطاب في الآية لآدم وحواءَ وذريتهما....
ولا مانع من خطاب الذرية وهي لم توجد بعد، لأَن خطاب الأبناءِ تابع لخطاب الآباءِ ولأن المنتظر، هو في حكم الموجود، كما في قوله تعالى: ﴿وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾. (٢)
وقيل: الخطاب لآدم وحواءَ، لقوله تعالى في سورة طه: ﴿قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ (٣). والقصة واحدة.
والمراد بالجمع في قوله: (اهبطوا) ما فوق الواحد، أَو لأنهما أصل البشر، فكأنهما جميع الآدميين.
(٢) يس، من الآية: ٤١
(٣) طه، من الآية: ١٢٣