تنبيه:
ذهب بعض العلماءِ إِلى أن النهي عن الإِسراف، يشمل: اللباس أَيضا، وهو رأى عكرمة وابن عباس أَيضا.
فقد أخرج ابن أَبي شيبة، وكذا البُخارى تعليقا قال: قال - ﷺ -: "كُلْ ما شئت، والبَسْ ما شئت ما أخطأتك خصلتان: سَرَفٌ وَمَخِيَلَةٌ" والمَخِيلة: الكِبر.
٣٢ - ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾:
قل يا أيها الرسول لقومك: مَن حرّم زينة الله التي خلقها لنفع عباده وتجملهم؟
ومَن حرَّم الطيبات من الرزق؟
والطيبات من الرزق: ما طاب طعما وكسبا.
واستُدِلَّ بهذه الآية: على أن الأَصل في المطاعم وأَنواع التجملات: الإباحة، لأَن الاستفهام في (مَنْ) لإنكار تحريمها على أبلغ وجه. كما استدل بها من قال بحل لبس الحرير والخزِّ للرجال، نظرا لعمومها.
رُوِى عن علي زين العابدين رضي الله عنه، أنه كان يلبَس كِسَاءَ خزٍّ بخمسين دينارا.. يلبسه في الشتاءِ - فإذا كان الصيف تصدق به، أو باعه وتصدق بثمنه.. وكان يلبس في الصيف ثوبين من متاع مصر، مُمَشَّقَيْن (أي مصبوغين بالمَشْق. وهو صبغ أحمر) ويقول: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾.
كما روى أَن الإِمام الحسين رضي الله عنه، أصيب وعليه جُبةُ خَزٍّ، والخزُّ: نوع من الحرير.
والذي ينبغي التعويل عليه: أن إِطلاق الإباحة هنا، مقيَّد بأَدلة التحريم لبعض ما دخل فيه، كلبس الذهب والحرير للرجال، فقد حُرِّما بالسُّنة النبوية.
والتجمُّل بالحلال مستحب.
ففي صحيح مسلم، عن ابن مسعود: أن النبي - ﷺ -، قال: "لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن في قلبه مثقال ذرَّة من كِبْر" فقال رجل: إِنَّ الرجلَ يُحبُّ أن يكون