التفسير
١ - ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ.. ﴾ الآية.
وجه المناسبة بينها وبين سورة الأَعراف:
جاءَ في الأَعراف بيان حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مع أَقوامهم، وجاءَ في الأَنفال: ذكر ما جرى بين النبي - ﷺ - وبين قومه.
وجاءَ في الأعراف: أَن القرآن هدى ورحمة، وذلك في قوله تعالى: ﴿هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾، كما جاءَ فيها الأَمر بالاستماع له إِذا قرئ، وذلك في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾.
وجاءَ في الأَنفال: ذكر حال المؤمنين عند ذكر الله فيه، وذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾، إِلى غير ذلك من المناسبات.
وقدمت سورة الأَنفال على التوبة لتصديرها بالبسملة، وحذفها من التوبة ليكونا كسورة واحدة فإِن موضوعهما واحد.
سبب النزول:
أَن المسلمين اختلفوا في قسمة غنائم "بدر" فسأَلوا رسول الله - ﷺ - كيف تقسم، ولمن الحكم في قسمتها، للمهاجرين، أَم للأَنصار، أَم لهم جميعًا، فنزلت الآية لبيان أَن الحكم في قسمتها بين المقاتلين يرجع إِلى الله ورسوله.
والأَنفال الغنائم، وسميت الغنائم أَنفالا، لأَنها زيادة فيما أَحلَّ الله لهذه الأُمة، مما كان محرما على غيرها، كما قال - ﷺ - في حديث له: "وَأُحِلَّتْ لى الْغَنَائِمُ وَلمْ تُحلَّ لِأَحدٍ قَبْلىِ" أَو لأَنها عطية من الله تعالى زائدة على ما هو أَصل الأَجر في الجهاد من الثواب الأُخروى أَو زيادة على السهم لمصلحة يراها الإِمام.
والسائلون هم أَصحاب رسول الله - ﷺ -، فقد سأَلوه عن قسمة الغنائم، وعمّن له الحكم فيها كما تقدم في بيان سبب النزول، فأُجيبوا بقوله تعالى: ﴿قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ أَي حكمها مختص بالله ورسوله، يحكم الله فيها بحكمته، والرسول يقسمها بحسب حكم الله تعالى، وليس الأَمر في قسمتها مفوضا إلى رأْى أَحد.