والمعنى: واذكروا وقت وعده تعالى إِياكم إِحدى الطائفتين، وأَنتم تحبون ملاقاة أَدناها، والله يحب أَن تلاقوا أَعلاها ليظهر الحق الذي أَراده بوعده لكم إِحدى الطائفتين من غير تعيين، وبينه بكلماته المنزلة على رسولهِ - ﷺ - في محاربة ذات الشوكة، أَو يريد الله ذات الشوكة ليثبت الحق ويعليه بأَمره الملائكة بإِمدادكم، وبما قضى من أَسر المشركين وقتلهم وطرح صناديدهم في قليب بدر، وإِظهار الدين وإعزازه.
﴿وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ﴾: أَي ويفنى آخر مشركى مكة وأَعوانهم ويستأْصلهم فإِن دابر القوم آخرهم الذي يكون من ورائهم، ولن يصل إِليه الهلاك إِلا بهلاك من قبله، والمراد إِهلاكهم جميعا، وقد هلك أَكابرهم وعصابة المستهزئين، وهم أَئمة الكفر في مكة...
والمعنى: أَنكم تريدون سَفْسَافَ الأُمور، والله يريد معاليها، فإِنه يريد ما يُعْلِى كلمة الحق، ويسمو برتبة الدين وأنتم تريدون الغنائم السهلة، وشتَّان بين المرادين.
٨ - ﴿لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ﴾: أَي يقره ويُثَبَّتهُ لأَنه الحق والمراد به الإِسلام أَي أَنه تعالى اختار لكم ذات الشوكة: ليظهر الإِسلام - وهو الحق - ويبطل الباطل - وهو الشرك، بنصركم على أَهله.
﴿وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾: أَي ولو كره المشركون أَصحاب الاعتداءِ والطغيان.
وليس في الآية تكرار، فالحق الأَول هو القتال لطائفة النفير مع ضمان النصر، والحق الثاني هو الإِسلام، وهو المقصد: والأَول هو الوسيلة له.
﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩) وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (١٠)﴾.
المفردات:
﴿تَسْتَغِيثُونَ﴾: تطلبون الغوث والنصر على عدوكم، والغوث التخليص من الشدة.
﴿فَاسْتَجَابَ﴾: فأَجاب دعاءَكم.