والمعنى: ولا تمهلوا الناكثين لعهودهم فوق أَربعة أَشهر، لكن الذين عاهدتموهم، ثم لم ينقصوكم شيئًا مما عاهدوكم عليه، ولم يعينوا عليكم أَحدًا من أَعدائكم، فلا تعاملوهم معاملة الناكثين لعهودهم، بالمسارعة إِلى قتالهم بعد هذه المهلة المضروبة للناكثين، بل أَتموا إِليهم عهدهم مهما كانت مدتهم، وقد ختم الله الآية بقوله:
﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾: للتنبيه على أنَّ عدم مراعاة حقوق العهد مع الوفى ولو كان مشركًا ليست من التقوى في شيءٍ.
والآية تدل على أَن الوفاءَ بالعهد من فرائض الإِسلام، ما دام العهد معقودًا، وعلى أَن العَهْدَ المؤقت لا يجوز نقضه إِلا بانتهاءِ وقته، وأَنَّ شرط وجوب الوفاء به علينا أَن يحافظ العدو عليه بحذافيره فإِن أَخل بشىء منه أَو عاون أَحدًا من الأَعداءِ ضدنا وجب نبذ عهده.
﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (٦)﴾.
المفردات:
﴿انْسَلَخَ﴾: انقضى.
﴿وَخُذُوهُمْ﴾: وَأْسِرُوهم، والأَخيذ؛ الأَسير.
﴿وَاحْصُرُوهُمْ﴾: وضيقوا عليهم وامنعوهم من الإِفلات.
﴿وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ﴾: وراقبوهم في كل مكان يرى فيه تحركهم، حتى تمنعوهم من التجمع ضدكم، أَو الفكاك منكم.