وفي الآية توبيخ للمسلمين ولوم لهم على ظنهم أَن يتركوا دون أَن يبلوهم الله بجهاد المشركين، ليتبين المخلص في إِيمانه وجهاده من غيره، إِثر توبيخهم في الآية السابقة على تراخيهم في الجهاد.
والمعنى: بل أَظننتم أَن تتركوا على ما أَنتم عليه من القعود عن الجهاد دون اختبار منا بتكليفكم به، ولما يتحقق بعد الذين جاهدوا في سبيل الله بإِخلاص وهمة، غير متخذين لهم أَولياءَ من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين يباطنونهم بأَسراركم الخفية، ويطلعونهم على عوراتكم.
﴿وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾: أَي والله عظيم العلم بما يعمله عباده، فلا تخفى عليه منهم خافية، فإِن هم جاهدوا - بإِخلاص؛ أَحسن مثوبتهم، وإِن هم قعدوا عنه أَو قَصَّروا فيه أَو أَبلغوا أَسراره وخططه إِلى أَعداءِ الإِسلام أَغلظ عقوبتهم.
﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (١٧) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (١٨)﴾.
المفردات:
﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ﴾: أَي ما صح ولا استقام لهم.
﴿شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ﴾: المراد من شهادتهم على أَنفسهم إِظهارهم آثاره، من نصب الأَوثان حول البيت وعبادتها - وإِن أَبوا أَن يعترفوا بكونهم كفارًا.