والمعنى: يَا أَيُّهَا الذَّيِنَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِن أَحبار اليهود ورهبان النصارى ليأْخذون أَموال الناس بالباطل، حيث يرتشون بها للتخفيف والمسامحة في تنفيذ شرع الله.
وتغيير الأَحكام والشرائع إِرضاءً لمن يرشونهم، كما كانوا يأْخذون من أَتباعهم ضرائب وفروضا باسم الكنائس والبيع وشئون الدين، ويستولون عليها أَو على بعضها لشهواتهم وأَغراضهم، ولا يكتفون بذلك بل يصدون أَتباعهم ويمنعونهم عن الدخول في دين الإِسلام واتباع محمَّد - ﷺ -.
﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا في سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾:
المقصود بهم أُولئك الأَحبار والرهبان الذين يأْكلون أَموال الناس بالباطل، مبالغة في وصفهم بالحرص على المال، والاهتمام بكنزه وجمعه بأَى صورة. ويجوز أَن يراد بهم أَهل الكتاب والمسلمون الذين لا يزكون، فالمراد بعدم إِنفاقهم لها في سبيل الله أَنهم لا يخرجون زكاتها.
ولما نزلت هذه الآية ظن المسلمون أَنه لا يحل كنز المال وأَنه يجب إِنفاقه كله في سبيل الله، فكبر ذلك على المسلمين فقال - ﷺ - "مَا أُدَّى زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكنزٍ" (١) أَي فليس بكنز معاقب عليه بما جاءَ في الآية.
وروى البخاري من حديث الزهرى عن خالد بن أَسلم قال: "خرجنا مع عبد الله بن عمر فقال: هذا قبل أَن تنزل الزكاة، فلما نزلت جعلها الله طهرًا للأَموال".
وقال عمر بن عبد العزيز وعراك بن مالك: نسخها قوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً﴾.
وكان أَبو ذر الغفارى يرى أَن الكنز ما فضل عن الحاجة، وقد حدث خلاف بين معاوية وبينه في تفسير الآية، رواه البخاري في حديثه عن زيد بن وهب قال: "مررت