روى أَن المشركين طلعوا فوق الغار، فأَشفق أَبو بكر - رضي الله عنه - على رسول الله - ﷺ -، فقال رسول الله - ﷺ -: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما" فأَعماهم الله عن الغار فجعلوا يترددون حوله فلم يروه.
وفي ذلك أَخرج البخاري ومسلم عن أَنس أَن أَبا بكر حدثه قال: "قلت للنبي - ﷺ - ونحن في الغار - لو أَن أَحدهم نظر إِلى قدميه لأَبصرنا تحت قدميه، قال: فقال: "يا أَبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما".
﴿فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا﴾:
أَي فأَنزل الله طمأْنينته على رسوله - ﷺ - فقال لصاحبه ما قال، وأَيده بجنود خفية لم تقع عليها أَبصاركم، فلم يستطع أَعداؤه بسبب هذه الحراسة الربانية، أَن يصلوا إِلى مأْربهم فيه، وإِن وصلوا إِلى الغار الذي يؤْويه وعادوا خائبين.
﴿وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾:
أَي وكان من تمام نصره لرسوله - ﷺ - أَنه تعالى جعل كلمة الشرك التي يتمسك بها المشركون ويحرصون عليها، جعلها هي السفلى، حيث غلبت على أَمرها، وكلمة الله التي يفادى بها الإِسلام هي العليا، التي تغلب ولا تُغلب.
وذلك بتمكينه من الهجرة إِلى المدينة ونصره على أَهل الشرك، في المعارك التي حدثت بينه وبينهم قبل غزوة تبوك، والله عزيز يقهر كل جبار عنيد، حكيم في أَمره وتدبيره، فلا تخالفوا أَمره وأَمر رسوله.