التفسير
١٢ - ﴿فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ........ ﴾:
هذه الآية واللتان بعدها لتسلية الرسول والتخفيف عن نفسه الشريفة بِسبَبِ ما يجده من عناد المشركين واقتراحهم الآيات، مع كفاية ما جاءهم به منها في الإيمان.
كما أنها مسوقة لبيان أنه ﷺ ليس مسئولا عن كفرهم، فما هو إِلا منذر، والله وكيل ورقيب عليهم.
والمعنى: فلعلك يا محمد تارك إسماعهم بعض ما يوحى إِليك من الآيات الدالة على حقيقة نبوتك، المنادية بكونها من عند الله تعالى لمن له أُذن واعية وقلب رشيد، ولعلك يضيق صدرك بتلاوته عليهم وتبليغه إِياهم أثناءَ المحاجة والدعوة إلى الإيمان، بسبب معارضتهم الشديدة لك، وإِصرارهم على رفض ما جئتهم به من التوحيد والوعد والوعيد وبسبب قولهم هلا أُعطى مالًا كثيرًا كما يعطى الملوك والعظماءُ، ليكون ذلك أمارة على أَن ربه يشد أزره ولا يدعه فقيرًا بين الناس، وهلا جاء معه ملك يؤيده ويشهد له بالنبوة.
فلا تذهب نفسك عليهم حسرات، ولا تترك تبليغهم شيئًا مما أوحى إِليك، ولا يضق صدرك بما يقولون، فإنه لا ينبغي لمثلك أن يتأثر بمثل هذا القول الدال على ضعف تفكيرهم وشدة وطأة الحق الذي جئت به عليهم، فهم يحاولون التنفيس عن أنفسهم وتخفيف وطأَته عليهم.
﴿إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾: ما أنت يا محمد إِلا منذر
لكل مكذب ولست عليهم بمسيطر فدع أمرهم لله فإنه هوالموكل بأُمور خلقه
والعالم بها، يحصى عليهم أَعمالهم ويجازيهم بها أتم الجزاء، فتوكل عليه وفوض أَمرك إليه.
١٣ - ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ﴾: أَي بل أيقولون إِن محمدًا اختلق القرآن من عند نفسه ونسبه إِلى الله تعالى. قل لهم أَيها الرسول إن كان الأَمر كما تزعمون فأْتوا بعشر سور مفتريات مثل القرآن في بلاغته. وحسن تنسيقه، فإنكم أَهل الفصاحة وفرسان البلاغة الحريصون على إبطال دعوتى.
﴿وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾: أي واستعينوا على ذلك بما تشاءُون، وادعوا من استطعتم دعوته في المعارضة، أو فادعوهم ليشهدوا لكم إِن كنتم صادقين في دعواكم: أنى اختلقته وأَنه ليس من عند الله تعالى.